قوله عزوجل : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً) : أي : [سهّل لكم السلوك فيها (١) و] ذلّلها لكم. وهو كقوله : (فراشا) و (بساطا) و (مهادا) (فَامْشُوا فِي مَناكِبِها) : أي فامضوا في مناكبها ، ومناكبها ، جوانبها (٢). وتفسير الحسن : جوانبها وطرقها ، وقال الكلبيّ : مناكبها : أطرافها. وقال بعضهم : نواحيها ، وتفسير مجاهد : طرقها وفجاجها. قال : (وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ) : أي الذي أحلّ لكم (وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) (١٥) : أي البعث.
قوله : (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ) : على الاستفهام ، يعني نفسه (أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ) : أي إنّكم لا تأمنون ذلك (فَإِذا هِيَ تَمُورُ) (١٦) : أي تتحرّك حين تخسف بكم. (أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ) يعني : نفسه ، وهي مثل الأولى ، أي لا تأمنون (أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً) : أي كما حصب قوم لوط ، أي : بالحجارة التي أمطرها عليهم. قال تعالى : (فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ) (١٧) : وهذا تخويف. قال الحسن : يعني المشركين.
ثمّ قال للنبيّ عليهالسلام : (وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) : أي من قبل قومك يا محمّد (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) (١٨) : على الاستفهام ، أي : كان شديدا. و (نكيري) أي : عقوبتي.
قال تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ) : أي : بأجنحتها ، أي : قد رأوها (وَيَقْبِضْنَ) (٣) : قال الحسن : حين تحرّك الطير جناحيها. وبعضهم يقول : (وَيَقْبِضْنَ) يعني إذا وقف الطائر صافّا جناحيه لا يزول. قال تعالى : (ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ) (١٩).
قوله تعالى : (أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ) : على الاستفهام ، أي : إن أراد عذابكم. أي : ليس أحد ينصركم من دون الله. قال تعالى : (إِنِ الْكافِرُونَ) : أي ما الكافرون (إِلَّا فِي غُرُورٍ) (٢٠) : يعني في غرور من الشياطين.
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ٣٦٧.
(٢) في ق وع : «جبالها» ، وفي الكلمة تصحيف صوابه ما أثبتّه : «جوانبها». وبهذا اللفظ فسّرها أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٢٦٢ ، والفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ١٧١.
(٣) قال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٢٦٢ : (إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ) باسطات أجنحتهنّ (وَيَقْبِضْنَ) فيضربن بأجنحتهنّ».