أي : للذين يرجمون من الشياطين ولجماعة الشياطين. تفسير الحسن : الذين هم يسترقون السمع ، يسترق أحدهم السمع وهو يعلم أنّه محترق وأنّ له في الآخرة عذاب السعير. والكلبيّ يقول : هم شرار إبليس. وقال الحسن : الشيطان والعفريت والمارد لا يكون إلّا الكافر من الجنّ.
قوله عزوجل : (وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٦) إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً) : أي صوتا في تفسير الحسن (وَهِيَ تَفُورُ) (٧) : أي تغلي (تَكادُ تَمَيَّزُ) : أي تتفرّق (مِنَ الْغَيْظِ) : أي تكاد يبين بعضها من بعض تغيّظا على أعداء الله.
قال : (كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها) : أي التسعة عشر (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ) (٨) : أي نبيّ ينذركم عذاب الله في الدنيا والآخرة (قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ) : يعنون الرسل والمؤمنين. (إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ) (٩) : أي في الدين. وهذا خاصّة في بعض المشركين دون جميع المنافقين. وأهل الكتاب اليهود والنصارى لا يقولون هذا القول ، فكيف أهل الإقرار بالله والنبيّ والكتاب ، لأنّ اليهود والنصارى يقولون : إنّ الله أنزل عليه كتابا. وكانت اليهود يقرّون بالتوراة ويجحدون الإنجيل ، وكانت النصارى يقرّون بالإنجيل ويجحدون التوراة والقرآن. (وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ) (١٠) : هؤلاء جميع أصحاب النار. أي : لو كنّا نسمع أو نعقل في الدنيا لآمنا في الدنيا وأوفينا بفرائض الله في الدنيا ، فلم نكن من أصحاب السعير. والسعير : اسم من أسماء جهنّم ، وجهنّم كلّها سعير تسعر بهم. قال الله تعالى : (فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً) : أي فبعدا (لِأَصْحابِ السَّعِيرِ) (١١) : أي أهل السعير ، أهل النار.
ثمّ قال : (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) : أي في السرّ ، ومثلها في سورة ق : (مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ) [سورة ق : ٣٣] أي : يذكر ذنوبه في الخلاء فيستغفر منها. (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) (١٢).
قوله عزوجل : (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ) : أي فهو يعلمه (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (١٣) : أي بما في الصدور.
(أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ) : على الاستفهام ، أي : هو خلقكم فكيف لا يعلم سرّكم وعلانيتكم؟ (وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (١٤) : فبلطفه خلق الخلق ، وهو الخبير بأعمالهم.