(كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها) (١١) : على هذا وقع القسم. وقوله بطغواها ، أي بطغيانها ، أي : بشركها ، وتكذيبها رسلها بما جاء به من عند الله. وتفسير مجاهد : بمعصيتها ، وهو واحد.
قال عزوجل : (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها) (١٢) : وهو أحمر ثمود الذي عقر الناقة ، وقد فسّرنا أمرها وعقرهم إيّاها في غير هذا الموضع (١). (فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ) : يعني صالحا (ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها) (١٣) : أي اتّقوا ناقة الله ولا تمسّوها بسوء واتّقوا سقياها ، أي شربها ، لا تمنعوها منه ؛ كانت تشربه يوما ويشربونه يوما.
قال تعالى : (فَكَذَّبُوهُ) : يعني صالحا (فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ) : أي حرّك بهم الأرض فأهلكهم بذنبهم (فَسَوَّاها) (١٤) : أي بالعقوبة (٢).
(وَلا يَخافُ عُقْباها) (١٥) : أي لا يخاف الله تباعة ، أي : لا يتبع بذلك كقوله تعالى : (ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً) (٦٩) [الإسراء : ٦٩] أي : يتبعنا بذلك لكم. وبعضهم يقول : (فلا يخاف) الذي عقر الناقة ، حين عقرها ، (عقباها) أي : لم يخف أن يصيبه العقاب. وفيها في هذا التفسير تقديم ؛ يقول : إذ انبعث أشقاها فلا يخاف عقباها. لا حول عن معاصي الله إلّا بعصمة من الله ولا قوّة على طاعة الله إلّا بعون الله.
* * *
__________________
(١) انظر ما سلف ج ٣ ، تفسير الآيات ١٥٥ ـ ١٥٨ من سورة الشعراء.
(٢) قال ابن خالويه في كتابه : إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم ، ص ١٠٦ ما يلي : «(فسوّاها) أي : انخسفت بهم الأرض فسوّيت عليهم ودمدمت ودكدكت وزلزلت عقوبة لعقرهم الناقة. وقال بعض أهل العلم : الهاء في (فسوّاها) تعود على الدمدمة ، لأنّ الفعل إذا ذكر دلّ على مصدره ، كقوله تعالى : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ) [البقرة : ٤٥] أي : وإنّ الاستعانة لكبيرة». وقال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ٢٦٩ : «ويقال : (فسوّاها) سوّى الأمّة ، أنزل العذاب بصغيرها وكبيرها بمعنى سوّى بينهم».