واراها. فقال له عمر : يا فلان ، أنت بهذا؟ فقال له الرجل : وأنت بهذا؟ أمرك الله أن تجسّسني؟ فخرج عمر وتركه (١).
ذكروا عن محمّد بن سيرين أنّ سلمان جاء ومعه حذيفة وأبو قرّة (٢) ـ رجل من أصحاب النبيّ عليهالسلام ـ إلى منزله ليدخلهم ، فاستفتح الباب ، فجاءت جارية فنظرت ، ثمّ ذهبت ، ثمّ رجعت ففتحت الباب ، فقالت : ادخلوا ، فقالا : أعهد من رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : أو هو خير من التجسّس (٣). ذكروا أنّ عمر بن الخطّاب رضي الله عنه بلغه أنّ رجلا شرب الشراب فكتب إليه : من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى فلان بن فلان : (حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٢) غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) (٣) [غافر : ١ ـ ٣]. فلمّا جاءه الكتاب جعل يقرأ ويتفكّر فيه حتّى بكى. فبلغ ذلك عمر فقال : هكذا فاصنعوا ؛ إذا رأيتم بأخ لكم عثرة فسدّدوه.
قوله : (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ).
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان في حديث الإسراء أتى على قوم يقطع من لحومهم فيجوزونها بدمائهم فيمضغونها ، ولهم خوار. قال : فقلت : من هؤلاء يا جبريل؟ فقال : هؤلاء الهمّازون اللمّازون ؛ ثمّ تلا هذه الآية : (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ ، أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ) أي : بعد ما يموت. فقالوا : لا والله يا رسول الله ، ما نستطيع أكله ولا نحبّه. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : فاكرهوا الغيبة (٤) : قال مجاهد : قالوا : نكره ذلك. قال : فاتّقوا الله [في الغيبة] (٥).
__________________
(١) انظر هذا الخبر مفصّلا وآخر مثله في الدرّ المنثور ، ج ٦ ص ٩٣ ، ففيهما من فقه عمر وسيرته موعظة وذكرى.
(٢) كذا ورد ذكر هذا الصحابيّ بكنيته ورسم هكذا في ع : «أبو أقرة» ، وفي ق بياض. ولم أوفّق لتحقيق اسم هذا الصحابيّ ، فهل هو أبو فروة حدير الأسلميّ ، وقد ترجم له ابن عبد البرّ في الاستيعاب أو غيره؟ ولم أجد هذا الخبر في بعض كتب التفسير والحديث.
(٣) كذا في ق ، وفي ع : «فقالا : أعهد من رسول الله صلىاللهعليهوسلم أو هو خير من التجسّس».
(٤) لم أجده بهذا اللفظ وإن ورد بمعناه.
(٥) زيادة من تفسير مجاهد ، ص ٦٠٨.