ذكر غير واحد في تفسير هذه الآية في قول يعقوب لبنيه : (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) [يوسف : ٩٨] أي : أخّرهم إلى السحر.
قال تعالى : (وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (١٩) : أمّا السائل فالذي يسأل ، وأمّا المحروم فإنّ تفسير الحسن فيه أنّه المتعفّف القاعد في بيته ، الذي لا يسأل.
ذكروا عن ابن عبّاس أنّه قال : المحروم المحارف الذي لا سهم له (١).
وقال بعضهم : هم أصل الصّفّة ، صفّة مسجد النبيّ عليهالسلام ، كانوا لا يقدرون أن يغزوا مع النبيّ عليهالسلام ، فحلّ لهم من الصدقة قبل أن يسمّى أهلها في سورة براءة.
وقال بعض العلماء : الجهاد إنّما فرض بالمدينة ، وهذه السورة كلّها مكّيّة. والله أعلم بهذا التفسير الذي قيل في أصحاب النبيّ عليهالسلام.
وقال مجاهد : (المحروم) : المحارف.
قوله عزوجل : (وَفِي الْأَرْضِ) : أي فيما خلق الله فيها (آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ) (٢٠). قال : (وَفِي أَنْفُسِكُمْ) : أي في بدء خلقكم من تراب ، أي آدم ، ثمّ خلق نسله من نطفة (أَفَلا تُبْصِرُونَ) (٢١) : يقوله للمشركين. وقال مجاهد : (وَفِي أَنْفُسِكُمْ) أي : مدخل الطعام والشراب ومخرجه (٢).
قال : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ) : أي المطر ، فيه أرزاق الخلق (وَما تُوعَدُونَ) (٢٢) : تفسير الحسن : أي : من الوعد والوعيد ؛ الوعد للمؤمنين بالجنّة ، والوعيد للمشركين والمنافقين بالنار. قال بعضهم : أظنّه يعني : جاء الوعد والوعيد من السماء. وبعضهم قال : الجنّة وعدها المتّقون ،
__________________
(١) قيل هو الذي لا سهم له في الغنيمة لأنّه لم يشهد الموقعة ، وهذا ما ذهب إليه الفرّاء ، وقيل : «هو الذي لا ينمي له مال». وقيل : «هو الذي يصاب زرعه أو ثمره أو نسل ماشيته». وانظر : تفسير الطبريّ ، ج ٢٦ ص ٢٠٢ ـ ٢٠٣.
(٢) آيات الله في أنفسنا أعمّ من أن تنحصر في الجهاز الهضميّ كما أشار إليه مجاهد ، بل هي في جميع أجهزة الإنسان ، فالجهاز العصبيّ مثلا من آيات الله الكبرى في أنفسنا ؛ وقل مثل ذلك في جميع الأجهزة. ولا يزال العلم الحديث يطلعنا في كلّ يوم على آية من آيات الله في النفس البشريّة ، ممّا يزيد المؤمن إيمانا إذا تدبّر آيات الله في الأكوان والأبدان ، وفي كلّ ما خلق الله ، لا إله إلّا هو.