يعني الزمهرير (مِنْ شَكْلِهِ) : من نحوه ، أي : من نحو الحميم (أَزْواجٌ) : ألوان (١).
قوله : (هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ (٥٩) قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا فَبِئْسَ الْقَرارُ) (٦٠) : قالته الملائكة لبني إبليس. قال بعضهم : وهذا قبل أن يدخلوا بني آدم الذين أضلّهم بنو إبليس ؛ (هذا فَوْجٌ) يعنون بني آدم (مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ) أي : في النار.
قال بنو إبليس : (لا مَرْحَباً بِهِمْ ، إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ) قالوا ، أي : قال بنو آدم لهم : (بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ ، أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا فَبِئْسَ الْقَرارُ).
وبعضهم يقول : جاءتهم الملائكة بفوج إلى النار ، فقالت للفوج الأوّل الذين دخلوا قبلهم : هذا فوج مقتحم معكم. قال الفوج الأوّل : (لا مَرْحَباً بِهِمْ ، إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ) ، قال الفوج الآخر : (بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ ، أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا فَبِئْسَ الْقَرارُ).
قال الله : (قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ) (٦١) : [قوله : (مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا) أي : من سنّه وشرعه. وقوله : (فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً) أي : زده على عذابه عذابا آخر] (٢). وهو كقوله : (قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ) (٣٨) [الأعراف : ٣٨].
(وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ) (٦٢) : أي في الدنيا. كقوله : (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ ..). إلى آخر الآية [المطفّفين : ٢٩] فلمّا دخلوا النار لم يروهم فيها معهم ، فقالوا : (ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا) (٣) : أي فأخطأنا (أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ) (٦٣) : أي أم هم فيها ولا نراهم. وهذا تفسير مجاهد. قال : ثمّ علموا بعد أنّهم ليسوا معهم فيها. وقال الحسن : كلّ ذلك قد فعلوا : قد
__________________
(١) في ع اضطراب في تفسير الآية أثبتّ التصحيح من ز.
(٢) ما بين المعقوفين زيادة من ز ، ورقة ٢٩٦ ، والتفسير لابن أبي زمنين.
(٣) قال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ١٨٧ : «... ومن كسر (سِخْرِيًّا) جعله من الهزء ويسخر به ، ومن ضمّ أولها جعله من السخرة يتسخّرونهم ويستذلّونهم».