عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ).
ذكر بعضهم قال : كان الله قد افترض قيام الليل في أوّل هذه السورة بقوله : (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أَوْ زِدْ عَلَيْهِ). فقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه حولا حتّى انتفخت أقدامهم. فأمسك الله خاتمتها في السماء اثني عشر شهرا ، ثمّ أنزل الله : (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ ..). إلى قوله : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) فريضتان واجبتان لا رخصة لأحد فيهما ، فصار قيام الليل تطوّعا بعد إذ كان فريضة.
ذكروا عن بعضهم أنّه كان يقول : لا بدّ من قيام الليل ولو قدر حلب شاة.
ذكر بعضهم قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أصب من الليل ولو ركعتين ولو أربعا (١).
وبلغنا عن الحسن أنّه قال : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم لم يقم أقلّ من ثلثي الليل. وقال بعضهم : إنّ قيام الليل على النبيّ عليهالسلام فريضة وللناس تطوّع.
وكان الحسن يقرأها بالجرّ : (أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ). ولم يقم النبيّ عليهالسلام أقلّ من ثلثي الليل ، وما كان من بعض فهو من غيره. وبعضهم يقرأها بالنصب ؛ أي : قام ثلثه.
قال تعالى : (وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً) : تفسير الحسن : إنّ هذا في التطوّع. (وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً) : أي تجدوا ثوابه عند الله خيرا (وَأَعْظَمَ أَجْراً) : أي يثيبكم عليه الجنّة (وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢٠).
* * *
__________________
(١) انظر ما سلف ج ٣ ، تفسير الآية ٦٤ من سورة الفرقان.