فتخرجوا منها؟ فقال أبو الأشدّ (١) الجمحي : أنا أكفيكم منهم سبعة عشر : عشرة على ظهري وسبعة على صدري ، فاكفوني أنتم اثنين. فأنزل الله :
(وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً) : [أي : فمن يطيقهم] (٢) (وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً) : أي بليّة (لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) : لأنّهم في كتبهم تسعة عشر (وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً) : أي تصديقا (وَلا يَرْتابَ) : أي ولا يشكّ (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ) : أي فيما أنزل الله من عددهم (وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) : أي نفاق (وَالْكافِرُونَ) : أي الجاحدون (ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً) : [أي : ذكرها] (٣) وذلك منهم استهزاء وتكذيب.
قال الله : (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ) بترك الإيمان بالقرآن الذي فيه التسعة عشر. (وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ).
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذكر في حديث ليلة أسري به قال : فعرج بي حتّى انتهيت إلى باب الحفظة وعليه ملك يقال له : إسماعيل جنده سبعون ألف ملك. ثمّ تلا هذه الآية : (وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) (٤).
قال : (وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ) (٣١) : تفسير الحسن وغيره : يعني النار : رجع إلى قوله : (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ).
قال : (كَلَّا وَالْقَمَرِ (٣٢) وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ) (٣٣) : أي إذا ولّى ، وبعضهم يقرأها : (إذا دبر) ، [أي إذا ولّى] (٥) قال (وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ) (٣٤) : أي إذا أضاء. هذا كلّه قسم. (إِنَّها لَإِحْدَى
__________________
(١) جاء الاسم في ق وع وز : «أبو الأسود» ، وهو خطأ أثبتّ صوابه : «أبو الأشدّ» ، وهو أبو الأشدّ بن كلدة الجمحيّ ، كما جاء في بعض كتب التفسير. انظر مثلا : ابن الجوزيّ : زاد المسير ، ج ٨ ص ٤٠٨.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٣٧٨.
(٣) زيادة من ز ، ورقة ٣٧٨.
(٤) انظر ما سلف ، في ٢ ص ، تفسير الآية الأولى من سورة الإسراء.
(٥) زيادة من ز. يريد أن يقول : «أدبر» و «دبر» يأتيان بمعنى واحد. وقيل : «أدبر» : ولّى ، و «دبر» : خلّف. قال أبو عبيدة في المعاني ، ج ٢ ص ٢٧٥ : «... يقال : دبرني ، جاء خلفي وإذا أدبر إذا ولّى ...».