(وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً) (٢٧) : أي عذبا. وكلّ ماء عذب فهو فرات. قال : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (٢٨) : وهي مثل الأولى.
ثمّ قال : (انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) (٢٩) : أي يقال لهم يوم القيامة : انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون في الدنيا من العذاب ، أي : يقولون إنّه ليس بكائن. (انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) (٣٠) : أي يخرج من النار لسانان قبل أن يدخلوا النار ، فيحيط بالمشركين مثل السرادق ، ثمّ يسطع من النار دخان أسود فيظلّ ذلك السرادق ، ثمّ يصير ثلاث فرق ، فيلجئون إليه (١) ، يرجون أن يظلّهم [ويجدون منه من الحرّ مثل ما وجدوا قبل أن يلجئوا إليه] (٢) قوله : (لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ) (٣١) : وقال في الواقعة : (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ) (٤٣) وهو الدخان ، وهو هذا الذي قال : في ظلّ ذي ثلاث شعب (لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ) (٤٤) [الواقعة : ٤٣ ـ ٤٤] أي لا بارد في الظلّ ولا كريم في المنزل.
قال : (إِنَّها تَرْمِي) : يعني النار (بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) (٣٢) : وهي تقرأ على وجهين : كالقصر ، خفيفة ، وكالقصر مثقّلة. فمن قرأها (كَالْقَصْرِ) خفيفة فهو يعني قصرا من القصور ، ومن قرأها مثقّلة فهو يعني أصول الشجر ، وهي قصرها كقصر الرجال والدوابّ ، وهي أعناقها (٣).
قال تعالى : (كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ) (٣٣) : وهي تقرأ على وجهين : (جمالة) و (جمالات) فمن قرأها (جمالة) فهو يعني النوق السود. ومن قرأها (جمالات) فهو يعني جمالات السفينة ، أي حبالها (٤) فيما ذكروا عن مجاهد. قال تعالى : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (٣٤) : وهي مثل الأولى.
__________________
(١) كذا وردت هذه العبارة في ق وع ، وهي في معاني الفرّاء ، ج ٣ ص ٢٢٤ أوضح : «يقال : إنه يخرج لسان من النار فيحيط بهم كالسرادق ، ثمّ يتشعّب منه ثلاث شعب من دخان فيظلّهم حتّى يفرغ من حسابهم إلى النار».
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٣٨٣.
(٣) انظر تحقيق مختلف هذه القراءات ومعانيها في معاني الفرّاء ، ج ٣ ص ٢٢٤ ـ ٢٢٥. وقال الراغب الأصبهانيّ في المفردات : «وقيل : القصر أصول الشجر ، الواحدة قصرة مثل جمرة وجمر». وانظر ابن خالويه : الحجّة ، ص ٣٣٣.
(٤) في تفسير مجاهد ص ٧١٧ : حبال الجسور ، وفي تفسير الطبريّ ، ج ٢٩ ص ٢٤١ ـ ٢٤٢ : «قلوس السفينة ، أي حبالها الغليظة».