مطلعها في القابلة. وقال الكلبيّ : (الْكُنَّسِ) يعني أنّها تكنس ، أي : تتغيّب وتتوارى بالنهار كما تتوارى الظباء في كناسها. وبعضهم يقول : (الْجَوارِ الْكُنَّسِ) هي بقر الوحش.
قال : (وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ) (١٧) : تفسير الحسن : إذا أظلم ، وتفسير الكلبيّ : إذا أدبر. وقال مجاهد : يقال : إقباله ، ويقال : إدباره.
ذكروا أنّ رجلا سأل عليّا : أيّ ساعة توتر؟ فسكت عنه. فلمّا أذّن من السحر للصبح قال عليّ : أين السائل عن الوتر؟ نعم ساعة الوتر [هذه] (١) ، ثمّ قرأ (وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ).
قوله : (وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ) (١٨) : أي إذا أسفر ، يعني إذا أضاء. أقسم بهذا كلّه ، من قوله : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ) إلى قوله : (وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ).
(إِنَّهُ) : يعني القرآن (لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) (١٩) : يعني جبريل يرسله الله إلى النبيّين (ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ) (٢٠) : أي في المنزلة والقربة. (مُطاعٍ ثَمَّ) : أي : في السماء قال الحسن : جعل الله طاعة جبريل في السماء طاعة له ، فأمر الله الملائكة بذلك كما أمر الله أهل الأرض أن يطيعوا محمّدا صلىاللهعليهوسلم. قال : (أَمِينٍ) (٢١) : أي عند الله وعند الملائكة.
قوله : (وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ) (٢٢) : يعني محمّدا صلىاللهعليهوسلم ، وذلك لقول قريش وقول مشركي العرب : إنّه مجنون. قال : (وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ) (٢٣) : يعني بالمشرق الذي هو مطلع النجوم والشمس والقمر. يعني أنّ محمّدا رأى جبريل في صورته مع الأفق قد سدّ ما بين السماء والأرض. وتفسير مجاهد : إنّ ذلك كان من نحو أجياد. عن عمارة مولى بني هاشم قال : إنّ النبيّ عليهالسلام رأى جبريل عليهالسلام له ستّمائة جناح مثل الزبرجد الأخضر ، فأغمي عليه.
قال تعالى : (وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ) : أي على الوحي (بِضَنِينٍ) (٢٤) : أي بخيل ، أي لا يبخل عليكم به ، وهي تقرأ على وجه آخر : (وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) أي : بمتّهم ، وهو مقرأ عبد الرحمن الأعرج ومقرأ أهل الكوفة.
(وَما هُوَ) : يعني القرآن (بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ) (٢٥) : أي رجمه الله باللعنة. قال :
__________________
(١) زيادة لا بدّ منها ليستقيم المعنى.