وتكذيب ، لا يقرّون بيوم الحساب ، ولا بأنّ العذاب يأتيهم في الدنيا.
تفسير الحسن ومجاهد : (عَجِّلْ لَنا قِطَّنا) أي : عجّل لنا عذابنا. وقال الحسن : هو قوله : (ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (٢٩) [العنكبوت : ٢٩] ، وكقولهم : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٣٢) [الأنفال : ٣٢].
وتفسير الكلبيّ : قالوا ذلك حين ذكر الله في كتابه : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ ... وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ) [الحاقّة : ١٩ و ٢٥]. والقطّ : الصحيفة التي فيها الكتاب (١) ، أي عجّل لنا كتابنا الذي يقول محمّد حتّى نعلم أبيميننا نأخذ كتابنا أم بشمالنا ، أي : إنكارا لذلك واستهزاء.
قال الله : (اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ) : أي ذا القوّة في أمر الله في تفسير بعضهم. وقال الحسن : ذا قوّة في العبادة. (إِنَّهُ أَوَّابٌ) (١٧) : أي مسبّح ، في تفسير مجاهد. وقال الكلبيّ : راجع منيب ، أي : راجع تائب.
قال : (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ) (١٨) : أي حين تشرق الشمس. ذكروا عن أيّوب بن صفوان أنّ ابن عبّاس دخل على أمّ هانئ ، فأخبرته أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم دخل عليها ، فصلّى في بيتها ثمان ركعات بعد ما ارتفع النهار. فخرج ابن عبّاس من عندها وهو يقول : لقد قرأت ما بين اللوحين فما عرفت صلاة الضحى إلّا الساعة : (يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ) وكنت أقول : أي صلاة صلاة الإشراق ، ثمّ قال : هذه صلاة الإشراق.
وذكروا عن زيد بن أرقم أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم دخل مسجد قباء ، فرآهم يصلّون حين إشراق الشمس ، فقال : إن الأوّابين كانوا يصلّون إذا رمضت الفصال (٢). قال الحسن : كان والله قد سخّر مع داوود جميع ما خلق الله من الجبال يسبّحن معه ، وكان يفقه تسبيحها وتسمعه جميع جبال الدنيا. (وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً) : أي تحشر بالغداة والعشيّ يسبّحن معه. كقوله : (وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فاعِلِينَ) (٧٩) [الأنبياء : ٧٩]. وقوله : (محشورة) أي : مجموعة
__________________
(١) كذا في ع وهو صحيح ، قال الفرّاء : «القطّ : الصحيفة المكتوبة» ، وهو واحد. يقال : كتب كتبا وكتابا وكتابة.
(٢) حديث صحيح أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها ، باب صلاة الأوّابين حين ترمض الفصال. (رقم ٧٤٨) ، وأخرجه البغويّ في شرح السنّة ، ج ٤ ص ٤٥ ، باب وقت صلاة الضحى بلفظ : صلاة الأوّابين إذا رمضت الفصال من الضحى.