ذكرانا ، أي غلمانا ، وإناثا ، أي : جواري (وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً) : أي لا يولد له (إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) (٥٠).
قوله : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) [فكان موسى ممّن كلّمه الله من وراء حجاب] (١).
ذكر جماعة من العلماء أن الحجاب بيّن ، والوحي منه وحي بإرسال ووحي بإلهام ؛ وذلك قول الله : (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ) [القصص : ٧] فهذا وحي إلهام ، وكذلك : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) [النحل : ٦٨] أي : ألهم ربّك النحل. والوحي بإرسال : الذي أوحى الله تبارك وتعالى إلى أنبيائه مع الروح الأمين ؛ فربّما ظهر للرسول جبريل ، وربّما جاء بالوحي يسمعه إيّاه ولا يراه. وهو قوله : إلّا وحيا إلهاما ، أو من وراء حجاب :. جبريل احتجب عن محمّد عليهالسلام غير مرّة ، فربّما ظهر له وربّما ناداه فلم يره محمّد فهو قوله : (أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ).
حدّثنا أبو داود عن عطاء بن السايب عن أبي عبد الرحمن السلميّ عن عليّ بن أبي طالب أنّه مرّ بالقصّابين فسمع أحدهم يقول : والذي احتجب عن خلقه بسبع طبقات ، فعلاه بالدرّة وقال له : تب ، إنّ الله أقرب إليه من حبل الوريد. قال القصّاب : أفلا أكفّر بشيء؟ قال : لا ، لأنّك حلفت بغير الله.
وحدّثنا أبو عبد الرحمن البصريّ عن يوسف أبي الفضل عن إسحاق الهمدانيّ عن الحارث ، عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه بنحو ذلك إلّا أنّه قال : أخطأت ، ثكلتك أمّك ، إنّ ربّ العالمين ليس بينه وبين خلقه حجاب ، لأنّه معهم أين ما كانوا. فقال : ما كفّارة ما قلت؟ قال : أن تعلم أنّه معك أين ما كنت ؛ فالمتكلّم الله على لسان جبريل ، والمحتجب جبريل.
وقوله : (أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً) : تكرير في القول سبحانه. كقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٧٧) [الحج : ٧٧] وفعل الخير عبادته ، وكرّر الكلام عزوجل.
قال : (فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ) : يعني جبريل ، يرسله إلى من يشاء من رسله ، فيوحي
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ٣١٢.