قال : فإنّه ما أقول لك (١) .
فقريش كانت لا تريد الجهر باسم الرسول الأكرم ، فكيف ترضى الجهر باسم وصيّه وخليفته من بعده ؟ ! وحسبك أنّ أبا محذورة المؤذن خفض صوته بالشهادة الثانية استحياءً من أهل مكة ، لأنّهم لم يعهدوا ذكر اسم رسول الله بينهم جهراً ، ففرك رسول الله أذُنه وقال : ارفع صوتك (٢) . فماذا يمكن أن نتوقّع لو ذكر اسم علي في الأذان على سبيل الجزئية كل يوم ؟ !
بلى ان بلالاً كان لا يستحي من قريش ولا يداهن فكان يجهر ويصيح بأعلى صوته : « أشهد أنّ محمّداً رسول الله » من على بيت أبي طلحة (٣) .
ونقل الواقدي قصة فتح مكة ، وفيه : إنّ رسول الله أمر بلالاً أن يؤذّن فوق ظهر الكعبة . . . فلمّا أذّن وبلغ إلى قوله « أشهد أن محمّداً رسول الله » رفع صوته كأشدّ ما يكون ، فقالت جويرية بنت أبي جهل : قد لعمري « رفع لك ذكرك » . . . وقال خالد بن سعيد بن العاص : الحمد لله الذي اكرم أبي فلم يدرك هذا اليوم .
وقال الحارث بن هشام : وا ثكلاه ، ليتني مت قبل هذا اليوم ، قبل ان اسمع بلالاً ينهق فوق الكعبة ! (٤) .
وغيرها من النصوص الكثيره الدالة على وجود مجموعتين إحداهما تحرص على إعلاء ذكر محمّد ، والأُخرى تسعى لإخماده ، وهذا هو الذي كان يدعو آل البيت لأن يشيدوا بهذه المفخره أمامَ من ينكرونها .
ولأجل هذا وغيره نرى النصوص الحديثية تؤكّد على لزوم رفع الصوت
__________________
(١) شرح النهج ١١ : ١١٣ .
(٢) انظر المبسوط للسرخسي ١ : ١٢٨ ـ ١٢٩ .
(٣) أخبار مكة للازرقي ١ : ٢٧٥ ، شرح النهج ١٧ : ٢٨٤ ، إمتاع الإسماع ١ : ٣٩٦ ، سبل الهدى والرشاد ٥ : ٢٤٩ .
(٤) شرح النهج ١٧ : ٢٨٤ ، إمتناع الإسماع ١ : ٣٩٦ ، و ١٣ : ٣٨٥ ، السيرة الحلبية ٣ : ٥٤ .