ويمكن تقريب الاستدلال بخبر الأمالي ، فنقول : إنّ النكرة في سياق النفي تفيد العموم ، وكذا مقتضى مفهوم الحصر ، يفيد بأنّ كلّ مكرمة لرسول الله هي ممنوحة لعلي كذلك ، بعضها على نحو التشريع وبعضها على نحو التشريف ، وبما أنّ الشهادة بالرسالة في الأذان والإقامة هي مكرمة لرسول الله ، فيمكن أن نأتي بذكر عليّ مع الأذان لا على نحو الجزئية بل لمحبوبيتها النفسية ؛ امتثالاً لما جاء في مرسلة الاحتجاج من قوله عليهالسلام : « من قال محمّد رسول الله فليقل علي أمير المؤمنين » . تحصيلاً للمثليّة التشريفيّة لا التشريعيّة .
وقد جاء عنهم عليهمالسلام : « ذكرنا عبادة » أو : « ذكر عليٍّ عبادة » (١) ، وفي موثّقة أبي بصير عن أبي عبد الله ، قال : « ما اجتمع قوم في مجلس لم يذكروا الله ولم يذكرونا إلّا كان ذلك المجلس حسرة عليهم يوم القيامة » ثمّ ، قال : قال أبو جعفر : « إنّ ذكرنا من ذكر الله ، وذكر عدوّنا من ذكر الشيطان » (٢) .
تلخّص من جميع ما قلناه لحدّ الآن أنّ الدليل الكنائي الآنف لا يثبت سوى الاقتران وأنّ ذكر علي مقترن بذكر النبي بنحو عام ؛ بالنظر للعمومات والإطلاقات الآنفة عن الروايات والأخبار الصحيحة والمعتبرة ، ولازم ذلك أنّ ذكر علي محبوب في نفسه بنحو مطلق في الأذان وفي غيره ، لكنّ هذا لا يثبت حكماً شرعياً ـ عند مشهور فقهاء الإمامية ـ لا جزءاً واجباً ولا جزءاً مستحبّاً . وبالجملة : فكلّ ما يثبته هذا الدليل هو أنّ ذكر عليّ محبوب بعد ذكر النبيّ في الأذان وفي غيره من دون اعتقاد الجزئية .
__________________
(١) الفردوس بمأثور الخطاب ٣ : ٢٤٤ / ح ٣١٥١ ، عن عائشة ، وعنه في كنز العمال ١١ : ٢٧٦ / ح ٣٢٨٩٤ ، تاريخ دمشق ٤٢ : ٣٥٦ ، سمط النجوم العوالي ٣ : ٦٤ .
(٢) الكافي ٢ : ٤٩٦ / ح ٢ ، وص ١٨٦ / ح ١ ، وسائل الشيعة ٧ : ١٥٣ / ح ٨٩٨١ .