الثانية : وقوف ابن البرّاج على تلك الروايات ووصولها لديه ؛ فقد يقال بأن قوله رحمهالله باستحباب قول « محمّد وآل محمّد خير البرية » في النفس هو لفك الحيعلة الثالثة ، وذلك كاستحباب حكاية ما يقول المؤذن عند سماع الأذان .
فقد روى الشيخ في « المبسوط » والعلّامة في « التذكرة » مرسلاً بقولهما :
وروي أنّه إذا سمع المؤذن يقول « أشهد أن لا إله إلّا الله » أن يقول : وأنا أشهد أن لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، رضيت بالله ربا وبالإسلام ديناً ، وبمحمّد رسولاً وبالأئمة الطاهرين ائمة ، ويصلي على النبي وآله (١) .
فقد يكون ابن البراج من جهة يرى شرعيّة القول بـ « آل محمّد خير البرية مرتين » ، لتلك الروايات الدالة على فك معنى الحيعلة ، فيكون كلامه رحمهالله معنى آخر لحسنة ابن أبي عمير الآنفة عن الإمام الكاظم عليهالسلام الصريحة في الولاية .
ومن جهة أخرى كان يخاف من الجهر بها لظروف التقيّة التي كان يعيش فيها ولذلك ذهب إلى قولها سراً ، ومعناه : إنّ المقتضي موجودٌ للقول بها وكذا المانع وهو الخوف على النفس ، فسعى للجمع بين الأمرين فأفتى باستحباب أن يقولها المؤذّن سرّاً في نفسه عند « حيَّ على خير العمل » ، خلافاً للصدوق الذي نفاها تقيّةً ، أو لاعتقاده أنّها من وضع المفوّضة يقيناً ، أو لعدم ارتضاء مشايخه لها ، وكذا خلافاً للشيخ الطوسي الذي لم يذهب إلى استحباب القول بها ، لكونها وردت في شواذّ الأخبار ، المخالفة للمعمول عليه عند الطائفة ، فالشيخ أفتى بجواز العمل بها لكنّه لم يقل باستحبابها لعدم اعتبار الأخبار الشاذّة عنده إن عارضت ما هو أقوى منها .
وأمّا ابن البرّاج فقد قال باستحباب قولها سرّاً للروايات التي وقف عليها ،
__________________
(١) المبسوط ١ : ٩٧ ، تذكرة الفقهاء ٣ : ٨٤ .