التمييز ونور الرشد (وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) إلى بني إسرائيل.
[٨] (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ (٨))
(فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ) من القوى النفسانية الظاهرة عليه ، الغالبة على أمره ، فإنه لا يصل إلى التمييز والرشد ولا يتوقى إلا بمعاونة التخيل والوهم وسائر المدركات الظاهرة والباطنة وإمدادها (لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) في العاقبة ويعلم أن أعدى عدوّه النفس التي بين جنبيه فيقهرها وأعوانها بالرياضة ويفنيها بالقمع والكسر والإماتة.
[٩] (وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٩))
(وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ) أي : النفس المطمئنة العارفة بنور اليقين والسكينة حالة المحبة لصفائها له التي تستولي عليها الأمّارة وتؤثر فيها بالتلوين (قُرَّتُ عَيْنٍ لِي) بالطبع للتناسب (وَلَكَ) بالتوسط ورابطة الزوجية والتواصل. وقيل ، قال فرعون : لك لا لي. وعالجوا التابوت فلم ينفتح ، ففتحته آسية بعد ما رأت نورا في جوفه فأحبّته (عَسى أَنْ يَنْفَعَنا) في تحصيل أسباب المعاش ورعاية المصالح وتدبير الأمور بالرأي (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) بأن يناسب النفس دون الروح ، ويتبع الهوى ، ويخدم البدن بالإصلاح ، فيقوينا (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) على أن الأمر على خلاف ذلك.
[١٠] (وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠))
(وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى) أي : النفس الساذجة اللوّامة (فارِغاً) عن العقل من استيلاء فرعون عليها وخوفها منه لمقهوريتها له (إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ) أي : كادت تطيع النفس الأمّارة باطنا وظاهرا فلا تخالفها بسرها وما أضمرته من نور الاستعداد وحال موسى المخفي لكونه بالقوّة بعد (لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها) أي : صبّرناها وقوّيناها بالتأييد الروحي والإلهام الملكي (لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) بالغيب لصفاء الاستعداد.
[١١] (وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١١))
(وَقالَتْ لِأُخْتِهِ) القوّة المفكرة (قُصِّيهِ) أي : اتبعيه وتفقدي حاله بالحركة في تصفح معانيه المعقولة وكمالاته العلمية والعملية (فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ) أدركت حاله عن بعد لأنها لا ترتقي إلى حدّه ولا تطلع عن مكاشفته وأسراره وما يحصل له من أنوار صفاته (وَهُمْ لا