[٦٧] (فَأَمَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (٦٧))
(فَأَمَّا مَنْ تابَ) تنصل عما غطى بصيرته وغشى قلبه واستعداده من صفات النفس ، وآمن بالغيب بطريق العلم (وَعَمِلَ) في التحلية واكتساب الخيرات والفضائل (عَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ) الفائزين بالتجرّد عن مقام النفس بمقام القلب والرجوع إلى الفطرة من حجاب النشأة.
[٦٨ ـ ٦٩] (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٨) وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ (٦٩))
(وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ) من المحجوبين والمكاشفين (وَيَخْتارُ) بمقتضى مشيئته وعنايته لهم ما يريد (ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) في ذلك (سُبْحانَ اللهِ) نزّهه عن أن يكون لغيره اختيار مع اختياره فيكون شريكه.
[٧٠] (وَهُوَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٧٠))
(لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) لا شريك له في الوجود (لَهُ الْحَمْدُ) المطلق لثبوت جميع الكمالات الظاهرة على مظاهر الأكوان ، والباطنة فيها وعنها له ، فيكون كل جميل غنيّ قوي عزيز في الدنيا بجماله وغناه وقوّته وعزّته جميلا غنيّا قويّا عزيزا ، وكل كامل عالم عارف به في الآخرة بكماله وعلمه ومعرفته كاملا عالما عارفا (وَلَهُ الْحُكْمُ) يقهر كل شيء على مقتضى مشيئته ويحكم عليه بموجب إرادته ، فيكون كل قبيح فقير ذليل ضعيف في الدنيا بحكمه ، وتحت قهره ، كذلك وكل محجوب مخذول ، أسير ، مردود في الآخرة في قهره وتحت حكمه مخذولا محجوبا أسيرا مردودا (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) بالفناء في وجوده أو أفعاله وصفاته أو ذاته.
[٧١ ـ ٧٢] (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ (٧١) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ (٧٢))
(إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ) ليل ظلمة النفس (سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) الصغرى (مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ) من نور الروح (أَفَلا تَسْمَعُونَ) حال كونكم في الحجاب ، فتفهمون المعاني والحكم فتؤمنون بالغيب (إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ) نهار نور الروح سرمدا بالتجلي الدائم دون الاستتار (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) الصغرى (مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ) من أوقات الغفلات وغلبات صفات النفس وغشاوات الطبع (تَسْكُنُونَ فِيهِ) إلى حقوق نفوسكم وراحات أبدانكم (أَفَلا تُبْصِرُونَ) بنور روح تجلّيات الحق.