[٧٣ ـ ٧٤] (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٣) وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٧٤))
(وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) بالغفلة والحضور في مقام القلب والاستتار والتجلي في مقام الروح (لِتَسْكُنُوا) في ظلمة النفس إلى نور البدن وترتيب المعاش (وَلِتَبْتَغُوا) من فضل مكاشفاته وتجلّيات صفاته ومشاهداته (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) نعمه الظاهرة والباطنة والجسمانية والروحانية في أولاكم وأخراكم باستعمالها لوجه الله فبما وجب عليكم من طاعته في كل مقام به وفيه وله.
[٧٥] (وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٧٥))
(وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً) أي : نخرج يوم القيامة عند خروج المهدي من كل أمّة نبيهم وهو أعرفهم بالحق (فَقُلْنا) على لسان الشهيد الذي يشهد الحق بشهود الكل ولا يحتجب بهم عنه (هاتُوا بُرْهانَكُمْ) على ما أنتم عليه أحق هو أم لا؟ فعجزوا عن آخرهم وظهر برهان النبيّ (فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ) أظهره مظهر الشهيد (وَضَلَّ عَنْهُمْ) مفترياتهم من المذاهب المختلقة والطرق المتشعبة المتفرّقة. أو قلنا للشهداء : هاتوا برهانكم بإظهار التوحيد ، فأظهروا ، فعلموا أن الحقّ لله.
[٧٦ ـ ٨٢] (إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (٧٦) وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (٧٧) قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (٧٨) فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٧٩) وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً وَلا يُلَقَّاها إِلاَّ الصَّابِرُونَ (٨٠) فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ (٨١) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (٨٢))
(إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى) عالما كبلعم بن باعوراء (فَبَغى عَلَيْهِمْ) لاحتجابه بنفسه وعلمه بالتكبّر والاستطالة عليهم ، فغلب عليه الحرص. ومحبّة الدنيا ابتلاء من الله