الفطرة مع الله عند الابتلاء بالفترة (كَفُورٍ) لا يستعمل نعم الله في مراضيه ولا يقضي حقوق مقامه في التجليات ، ولا يعمل بأعمال أهل التوكل والرضا عند ظهور أنوار الأفعال والصفات ، أو تلك الشريعة تجري مراكبها في هذا البحر إلى ساحل برّ النجاة وجنّة الآثار ليريكم من آيات تجليات الأفعال.
[٣٣] (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (٣٣))
(اتَّقُوا رَبَّكُمْ) احذروه في الظهور بأفعالكم وصفاتكم وذواتكم بالفناء فيه عنها (وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ) لانقطاع الوصل عند بروزكم لله المتجلي بالوحدة والقهر ولا يبقى وجود للوالد والولد ، فلا يجزي بعضهم عن بعض شيئا (فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) من الحياة القلبية التي هي أقرب إليكم بأنها حقيقية دائمة فإنه لا حياة لأحد حينئذ (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) فتظهروا بالأنائية وتحتجبوا بوسوسته فتقعوا في الطغيان.
[٣٤] (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (٣٤))
(إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) الكبرى لفناء الكل فيه حينئذ فكيف بعلومهم (وَيُنَزِّلُ) غيث ذلك بحسب الاستعدادات قبل الفناء (وَيَعْلَمُ ما فِي) أرحام الاستعداد من الكمالات أهي تامّة أم لا؟ أو في أرحام النفوس من أولاد القلوب أهي رشيدة كاملة أم لا؟ ، (وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ) من العلوم والمقامات في الزمان المستقبل لاحتجابها عما في استعدادها (وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ) من أراضي المقامات (تَمُوتُ) ويفنى استعدادها لانقضاء ما فيها من الكمالات ، لأن علم الاستعدادات وحدودها مما استأثر به الله تعالى لذاته في غيب الغيب ، والله تعالى أعلم.