من شوك الهيئات المؤذية وأثل الصفات السيئة البهيمية والسبعية والشيطانية (ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ) أي : ثمرة مرّة بشعة كقوله : (طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ (٦٥)) (١).
(وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ) بقاء الصفات الإنسانية (قَلِيلٍ ذلِكَ) العقاب (جَزَيْناهُمْ) بكفرانهم النعم (وَهَلْ نُجازِي) بذلك (إِلَّا الْكَفُورَ) الذي يستعمل نعمة الرحمن في طاعة الشيطان (وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها) من الحضرة القلبية والسرية والروحية والإلهية بالتجليات الأفعالية والصفاتية والأسمائية الذاتية وأنوار المكاشفات والمشاهدات (قُرىً ظاهِرَةً) مقامات ومنازل مترائية متواصلة كالصبر والتوكل والرضا وأمثالها (وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ) إلى الله وفي الله مرتبا يرتحل السالك في الترقي من مقام وينزل في مقام (سِيرُوا) في منازل النفوس (لَيالِيَ) وفي مقامات القلوب ومواردها (وَأَيَّاماً آمِنِينَ) بين القواطع الشيطانية وغلبات الصفات النفسانية بقوة اليقين والنظر الصحيح على منهاج الشرع المبين.
[١٩] (فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (١٩))
(فَقالُوا) بلسان الحال والتوجه إلى الجهة السفلية المبعدة عن الحضرة القدسية والميل إلى المهاوي البدنية والسير في المهامة الطبيعية والمهالك الشيطانية (رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) بالاحتجاب عن أنوار القرى المباركة بظلمات البرازخ المنحوسة (فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ) وآثارا سائرة بين الناس في الهلاك والتدمير (وَمَزَّقْناهُمْ) بالغرق والتفريق.
[٢٠ ـ ٥٤] (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٠) وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (٢١) قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَما لَهُمْ فِيهِما مِنْ شِرْكٍ وَما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (٢٢) وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٢٣) قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٤) قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٢٥) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (٢٦) قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ كَلاَّ بَلْ هُوَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧) وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٢٨) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٩) قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ (٣٠) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي
__________________
(١) سورة الصافات ، الآية : ٦٥.