(وَسِيقَ) المحجوبون (إِلى جَهَنَّمَ) بسائق العمل وقائد الهوى النفسيّ والميل السفليّ (فُتِحَتْ أَبْوابُها) لشدّة شوقها إليهم وقبولها لهم لما بينهما من المناسبة (وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها) من مالك والزبانية ، أي : الطبيعة الجسمانية والملكوت الأرضية الموكلة بالنفوس السفلية.
[٧٣] (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ (٧٣))
(وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا) الرذائل وصفات النفوس (إِلَى الْجَنَّةِ) بسائق العمل وقائد المحبة (وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) قبل مجيئهم لأن أبواب الرحمة وفيض الحق مفتوحة دائما والتخلف من جهة القبول لا من جهة الفيض بخلاف أبواب جهنم ، فإنها مطبقة تنفتح بهم وبمجيئهم إليها لكون المواد غير مستعدّة لقبول النفوس إلّا بآثارها (وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها) من رضوان والأرواح القدسية والملكوت السماوية (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) أي : تحيتهم الصفات الإلهية والأسماء العليّة بإفاضة الكمال عليهم وتبرئتهم من الآفة والنقص (طِبْتُمْ) عن خبائث الأوصاف النفسانية والهيئات الهيولانية ، فادخلوا جنة الفردوس الروحانية مقدّرين الخلود لنزاهة ذواتكم عن التغيرات الجسمانية.
[٧٤ ـ ٧٥] (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (٧٤) وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٧٥))
(وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ) بالاتّصاف بكمالاته والوصول إلى نعيم تجليات صفاته (الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ) بإيصالنا إلى ما وعدنا في العهد الأول وأودع فينا وأنبأنا عنه على ألسنة رسله (وَأَوْرَثَنَا) جنّة الصفات (نَتَبَوَّأُ) منها (حَيْثُ نَشاءُ) بحسب شرفنا ومقتضى حالنا (فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) الذين عملوا بما علموا فأورثوا جنّة القلب والنفس من الأنوار والآثار (وَتَرَى) ملائكة القوى الروحانية في جنّة الصفات (حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ) عرش القلب (يُسَبِّحُونَ) بتجرّدهم عن اللواحق المادية ، حامدين ربّهم بالكمالات الروحانية (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِ) بتسالمهم واتحادهم في التوجه نحو الكمال بنور العدل والتوحيد واختصاص كل بما حكم بالحق في تسبيحه من غير تخاصم وتنازع (وَقِيلَ) على لسان الأحدية (الْحَمْدُ) المطلق في الحضرة الواحدية للذات الإلهية الموصوفة بجميع صفاتها (رَبِّ الْعالَمِينَ) مربيهم على حسب استعدادات الأشياء وأحوالها.
أو ملائكة النفوس والأرواح السماوية حافين في جنة الفردوس من حول عرش الفلك الأعظم ، يسبّحون بحمد ربّهم باتصاف ذواتهم المجرّدة بالكمالات الربانية. وقضى بينهم