وأكثر ضوءا فهو أبعد مناسبة من الجوهر المظلم الكدر ، فيكون أشدّ مقتا له ، ومقته لنفسه أيضا ناشئ من النور الأصلي الاستعدادي لانطباع محبة النور في الأصل الاستعدادي النوري ، بل النور لذاته محبوب والظلمة مبغوضة.
(إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ) أي : كبر مقته إياكم وقت احتجابكم عنه وعدم قبولكم للدعوة إلى الإيمان التوحيدي أو لاحتجابكم وإبائكم عن الدعوة الإيمانية.
[١١ ـ ١٢] (قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (١١) ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (١٢))
(قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ) أي : أنشأتنا أمواتا مرتين (وَأَحْيَيْتَنَا) في النشأتين (فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا) عند وقوع العقاب المرتب عليها وامتناع المحيص عنه (ذلِكُمْ) العذاب السرمد والمقت الأكبر بسبب شرككم واحتجابكم عن الحق بالغير (فَالْحُكْمُ لِلَّهِ) بعقابكم الأبدي لا للغير فلا سبيل إلى النجاة لعلوّه وكبريائه فلا يمكن أحدا ردّ حكمه وعقابه.
[١٣ ـ ١٤] (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً وَما يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَنْ يُنِيبُ (١٣) فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (١٤))
(هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ) آيات صفاته بتجلياته (وَيُنَزِّلُ لَكُمْ) من سماء الروح (رِزْقاً) حقيقيا ما أعظمه وهو العلم الذي يحيا به القلب ويتقوى (وَما يَتَذَكَّرُ) أحواله السابقة بذلك الرزق (إِلَّا مَنْ يُنِيبُ) إليه بالتجرّد وقطع النظر عن الغير فأنيبوا إليه لتتذكروا بتخصيص العبادة به وإخلاص الدين عن شوب الغيرية وتجريد الفطرة عن النشأة ولو أنكر المحجوبون وكرهوا.
[١٥] (رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ (١٥))
(رَفِيعُ الدَّرَجاتِ) أي : رفيع درجات غيوبه ومصاعد سماواته من المقامات التي يعرج فيها السالكون إليه (ذُو الْعَرْشِ) أي : المقام الأرفع المالك للأشياء كلها (يُلْقِي الرُّوحَ) أي : الوحي والعلم اللدني الذي تحيا به القلوب الميتة (مِنْ) عالم (أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) الخاصة به أهل العناية الأزلية (لِيُنْذِرَ يَوْمَ) القيامة الكبرى الذي يتلاقى فيه العبد والربّ بفنائه فيه أو العباد في عين الجمع.
[١٦ ـ ٣٣] (يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ (١٦) الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (١٧) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ (١٨)