عن الهيئات المادية والتجرّد عن الصفات البشرية ليستر بنور صفاته ذنوب صفاتكم (وَوَيْلٌ) للمحتجبين بالغير.
[٧ ـ ٨] (الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (٧) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٨))
(الَّذِينَ) لا يزكون أنفسهم بمحو صفاتها ليرتفع حجاب الغيرية فتتحقق بالوحدة (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) لسترهم النور الفطري المقتضي الشوق إلى عالم القدس ومعدن الحياة الأبدية بظلمات الحسّ وهيئات الطبيعة البدنية.
[٩ ـ ١١] (قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ (١٠) ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ (١١))
(قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) أي : في حادثين كما ذكر أنّ اليوم معبّر به عن الحادث لنسبته إليه في قولهم : الحوادث اليومية لتشابههما في الظهور والخفاء ، وهما الصورة والمادّة (وَبارَكَ فِيها) أي : أكثر خيرها (وَقَدَّرَ فِيها) معايشها وأرزاقها (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) هي الكيفيات الأربع والعناصر الأربعة التي خلق منها المركبات بالتركيب والتعديل (سَواءً) مستوية بالامتزاج والاعتدال للطالبين للأقوات والمعايش ، أي : قدّرها لهم (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) أي : قصد إلى إيجادها وثم للتفاوت بين الخلقين في الإحكام وعدمه ، واختلافهما في الجهة والجوهر لا للتراخي في الزمان إذ لا زمان هناك (وَهِيَ دُخانٌ) أي : جوهر لطيف بخلاف الجواهر الكثيفة الثقيلة الأرضية (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) أي : تعلق أمره وإرادته بإيجادهما فوجدتا في الحال معا كالمأمور المطيع إذا ورد عليه أمر الآمر المطاع لم يلبث في امتثاله ، وهو من باب التمثيل إذ لا قول ثمة.
[١٢ ـ ١٩] (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ (١٣) إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (١٤) فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (١٥) فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ (١٦) وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ