عن الخير. وإن دفعتها بالحسنة سكنت شرارته وأزلت عداوته وتثبت في مقام القلب على الخير ، وهديت إلى الجنة وطردت الشيطان ، وأرضيت الرحمن وانخرطت في سلك الملكوت ومحوت ذنب صاحبك بالندامة. وإن دفعتها بالتي هي أحسن ناسبت الحضرة الرحيمية بالرحموت وصرت باتصافك بصفاته تعالى من أهل الجبروت وأفضت من ذاتك فيض الرحمة على صاحبك فصار (كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) ولأمر ماقال النبي عليهالسلام : «لو جاز أن يظهر البارئ لظهر بصورة الحلم» ، ولا يلقى هذه الخصلة الشريفة والفضيلة العظيمة (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا) مع الله ، فلم يتغيروا بزلّة الأعداء لرؤيتهم منه تعالى وتوكلهم عليه واتّصافهم بحلمه أو طاعتهم لأمره (وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) من الله بالتخلّق بأخلاقه.
[٣٦] (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٦))
(وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ) ينخسنك نخس بالمقابلة بالسيئة وداعية بالانتقام وهيجان من غضبك (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) بالرجوع إلى جنابه واللجوء إلى حضرته من شرّه ووسوسته ونزغه بالبراءة عن أفعالك وصفاتك والفناء فيه عن حولك وقوّتك (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) لما هجس ببالك من أحاديث نفسك وأقوالك (الْعَلِيمُ) بنياتك وما بطن من أحوالك.
[٣٧ ـ ٣٩] (وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (٣٧) فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ (٣٨) وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٩))
(وَمِنْ آياتِهِ) ليل ظلمة النفس بظهور صفاتها الساترة للنور لتقعوا في السيئات وتستعدّوا لقبول الوساوس الشيطانية ونهار نور الروح بإشراق أشعتها من القلب إلى النفس ، فتباشروا الحسنات وتدفعوا السيئات بها وتمتنعوا عن قبول الوساوس وتتعرّضوا للنفحات وشمس الروح وقمر القلب (لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ) بالفناء فيه والوقوف معه والاحتجاب به عن الحق (وَلا لِلْقَمَرِ) بالوقوف مع الفضائل والكمالات والنبوّ إلى جنّة الصفات (وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَ) بالفناء في الذات (إِنْ كُنْتُمْ) موحدين ، مخصصين العبودية به دون غيره لا مشركين ولا محجوبين (فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا) عن الفناء فيه بظهور الأنانية والطغيان والاستعلاء بصفات النفس والعدوان (فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ) بالتجريد والتنزيه عن حجب ذواتهم وصفاتهم دائما بليل الاستتار في مقام التفصيل ونهار التجلي في مقام الجمع (لا يَسْأَمُونَ) لكونهم قائمين بالله ذاكرين بالمحبة الذاتية.
[٤٠ ـ ٤٣] (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ