[٢٠ ـ ٣٠] (وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (٢٠) أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (٢١) بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢) وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ (٢٣) قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (٢٤) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٢٥) وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (٢٧) وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٨) بَلْ مَتَّعْتُ هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى جاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ (٢٩) وَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ قالُوا هذا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كافِرُونَ (٣٠))
(وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ) لما سمعوا من الأنبياء تعليق الأشياء بمشيئة الله تعالى افترضوه وجعلوه ذريعة في الإنكار ، وقالوا ذلك لا عن علم وإيقان بل على سبيل العناد والإفحام ، ولهذا ردّهم الله تعالى بقوله : (ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ) إذ لو علموا ذلك لكانوا موحدين لا ينسبون التأثير إلا إلى الله فلا يسعهم إلا عبادته دون غيره إذ لا يرون حينئذ لغيره نفعا ولا ضرا (إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) لتكذيبهم أنفسهم في هذا القول بالفعل حين عظموهم وخافوهم وخوّفوا أنبياءهم من بطشهم كما قال قوم هود : (إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ) (١) ، ولما خوّفوا إبراهيم عليهالسلام كيدهم أجاب بقوله : (وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً) (٢) إلى قوله : (وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ) (٣).
[٣١ ـ ٣٥] (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (٣١) أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (٣٢) وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ (٣٣) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَسُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ (٣٤) وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (٣٥))
(وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ) إلى آخره ، لما لم يكونوا أهل معنى ولا حظ لهم إلا من الصورة لم يتصوروا في رسول الله صلىاللهعليهوسلم شيئا يعظمونه به إذ لا مال له ولا حشمة ولا جاه عندهم ، وعظم في أعينهم الوليد بن المغيرة وأضرابه كأبي مسعود الثقفي وغيره لمكان حشمتهم ومالهم وخدمهم ، فاستخفوا برسول الله صلىاللهعليهوسلم وقالوا : لا يناسب حاله اصطفاء الله إياه
__________________
(١) سورة هود ، الآية : ٥٤.
(٢) سورة الأعراف ، الآية : ٨٠.
(٣) سورة الأعراف ، الآية : ٨١.