الفلكية كما ينتقش في الإنسانية لاتصالها بها وانتقاشها كما هي ، إما في القوى الخيالية إن كانت جزئية وإما في القوى العاقلة إن كانت كلية ، وكلاهما يظهر على النفس عند ذهولها عن الحسّ ورجوعها إلى ذاتها وما كانت تنساها تنعكس إليها من النفوس الفلكية عند المفارقة فتذكرها دفعة وذلك معنى قوله : (أَحْصاهُ اللهُ وَنَسُوهُ) (١) فالرسل الكاتبون هم النفوس الفلكية المناسبة لكل واحد من الأشخاص البشرية بحسب الوضع المقارن لاتصال النفس بالبدن.
[٨١ ـ ٨٩] (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ (٨١) سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٨٢) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٨٣) وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٨٤) وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٥) وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٨٦) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٨٧) وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ (٨٨) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٨٩))
(قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) أي : لذلك الولد ، وهو إما أن يدل على نفي الولد عن الله بالبرهان وأما أن يدل على نفي الشرك عن الرسول بالمفهوم ، أما دلالته على الأول فلما دلّ قوله : (سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ) إلى قوله : (عَمَّا يَصِفُونَ) على نفي التالي وهو عبادة الولد أي : أوحده وأنزّهه تعالى عما يصفونه من كونه مماثلا لشيء لكونه ربّا خالقا للأجسام كلها فلا يكون من جنسها ، فيفيد انتفاء الولد على الطريق البرهاني. وأما دلالته على الثاني : فإذا جعل قوله : (سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ) إلى آخره ، من كلام الله تعالى لا من كلام الرسول ، أي : نزّه ربّ السموات عمّا يصفونه فيكون نفيا للمقدّم ويكون تعليق عبادة الرسول من باب التعليق بالمحال والمعلق بالشرط عند عدمه فحوى بدلالة المفهوم أبلغ عند علماء البيان من دلالة المنطوق ، كما قال في استبعاد الرؤية : (فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي) (٢) والله تعالى أعلم.
__________________
(١) سورة المجادلة ، الآية : ٦.
(٢) سورة الأعراف ، الآية : ١٤٣.