بالاحتجاب (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) بالتعذيب في الدنيا بأنواع الوقائع كالقتل والإماتة والإذلال (وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) بالقهر والحجب (وَلَعَنَهُمْ) بالطرد والإبعاد في الآخرة (وَأَعَدَّ لَهُمْ) أنواع العذاب (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ) كررها ليفيد تغليب الجنود الأرضية على السماوية في المنافقين والمشركين بعكس ما فعل بالمؤمنين ، وبدّل عليما بقوله : عزيز ، ليفيد معنى القهر والقمع لأن العلم من باب اللطف والعزّة من باب القهر.
[١٠ ـ ١٩] (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (١٠) سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا فَاسْتَغْفِرْ لَنا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (١١) بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً (١٢) وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً (١٣) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (١٤) سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٥) قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٦) لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً (١٧) لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً (١٨) وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (١٩))
(إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ) هذه المبايعة هي نتيجة العهد السابق المأخوذ ميثاقه على العباد في بدء الفطرة وإنما كانت مبايعته مبايعة الله لأن النبي قد يفنى عن وجوده ويحقق الله في ذاته وصفاته وأفعاله فكل ما صدر عنه ونسب إليه فقد صدر عن الله ونسب إليه ، فمبايعته مبايعة الله تعالى ، وإنما قلنا إنها نتيجة ميثاق الفطرة إذ لو لم تكن جنسية ومناسبة أصلية بينهم وبينه لما وجدت هذه البيعة لانتفاء الألفة والمحبة المقتضية لها بانتفاء الجنسية ، فهي دليل سلامة فطرتهم وبقائها على صفائها الأصلي (يَدُ اللهِ) الظاهرة في مظهر رسوله الذي هو اسمه الأعظم (فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) أي : قدرته البارزة في يد الرسول فوق قدرتهم البارزة في صور أيديهم فيضرّهم عند النكث وينفعهم عند الوفاء (فَمَنْ نَكَثَ) العهد بتكدير صفاء فطرته والاحتجاب بهيئات نشأته وتغليب ظلمة صفات نفسه على نور قلبه الموجب لمخالفة العهد (فَإِنَّما يَنْكُثُ