والمواجيد الذوقية والإشراقات البهيجة (وَلَحْمٍ) من العلوم المقوية للقلوب والحكم المحيية لها (مِمَّا يَشْتَهُونَ) أي : يشتاقون إليه بمقتضى استعداداتهم وأحوالهم (يَتَنازَعُونَ) يتعاطون ويتعاورون في مباحثاتهم ومحاوراتهم ومذاكراتهم (كَأْساً) خمرا لذيذا من المعارف والعشقيات والذوقيات (لا لَغْوٌ فِيها) بسقط الحديث والهذيان والكلام بما لا طائل تحته (وَلا تَأْثِيمٌ) ولا قول يأثم به صاحبه وينسب إلى الإثم كالغيبة والفواحش والشتم والأكاذيب.
[٢٤] (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (٢٤))
(وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ) من الملكوت الروحانية أي : تخدمهم الروحانيات أو أهل الإرادة وصفاء الاستعداد من الأحداث الطالبين (كَأَنَّهُمْ) لفرط صفائهم ونوريتهم (لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ) محفوظ من تغيرات هوى النفس وغبار الطبائع مخزون من ملامسة ذوي العقائد الرديئة والعادات المذمومة.
[٢٥ ـ ٤٧] (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٢٥) قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ (٢٦) فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ (٢٧) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (٢٨) فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ (٢٩) أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (٣٠) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (٣١) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ (٣٢) أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٣) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (٣٤) أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ (٣٥) أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ (٣٦) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (٣٧) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (٣٨) أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (٣٩) أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٠) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤١) أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (٤٢) أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٤٣) وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ (٤٤) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥) يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٦) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٤٧))
(وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) عن بداياتهم وأحوال رياضاتهم في عالم النفس ومأوى الحس الذي هو الدنيا (قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ) أي : قبل الوصول إلى فضاء القلب وروح الروح في الآخرة (فِي أَهْلِنا) من القوى البدنية وصفات النفس (مُشْفِقِينَ) وجلين من ذكر الله خائفين من العقاب (فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنا) بتجليات الصفات ونعم المكاشفات (وَوَقانا عَذابَ) سموم هوى النفس وجحيم الطبيعة (إِنَّا كُنَّا مِنْ) قبل هذا المقام (نَدْعُوهُ) نذكره ونعبده (إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ) المحسن بمن دعاه بإفاضة العلم والتحقيق (الرَّحِيمُ) لمن عبده وخافه بالهداية والتوفيق.