بعضها ببعض ولا الذات بالصفات ولا الصفات بالذات ، بل استوت كلها في الظهور في اليوم السابع أو في صور المراتب الستّ من الجواهر والأعراض المذكورة في (ق) ، ثم استوى على عرش الروح الأعظم بالتأثير في جميع الأشياء في الصورة الرحمانية بالسوية والظهور باسم الرحمن (يَعْلَمُ ما يَلِجُ) في أرض العالم الجسماني من الصور النوعية لأنها صور معلوماته (وَما يَخْرُجُ مِنْها) من الأرواح التي تفارقها والصور التي تزايلها عند الفناء والفساد وهي التي تنزل من السماء وتعرج فيها ، أو ما ينزل من سماء الروح من العلوم والأنوار الفائضة على القلب وما يعرج فيها من الكليات المنتزعة من الجزئيات المحسوسة وهيئات الأعمال المزكية (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) لوجودكم به وظهوره في مظاهركم (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) لسبق علمه به وكونه منقوشا في أربعة ألواح في عالم ملكوته بحضرته يولج ليل الغفلة في نهار الحضور ويولج نهار الحضور في ليل الغفلة ، ويستر الجمال بالجلال ويحجب الجلال بالجمال (وَهُوَ عَلِيمٌ) بما أودع الصدور من أسراره ودقائق الغفلة والحضور وحكمتهما ولطائف التستر والتجلي وفائدتهما لا يعلمها إلا هو.
[٧] (آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (٧))
(آمِنُوا بِاللهِ) الإيمان اليقيني بتوحيد الأفعال (وَرَسُولِهِ) أي : لا تحتجبوا بأفعال الحق في إيمانكم بتوحيد الأفعال عن أفعال الخلق فتقعوا في الجبر وحرمان الأجر ، بل شاهدوا أفعال الحق بالإيمان به جمعا في مظاهر التفاصيل بحكم الشرع ليحصل لكم التوكل ويسهل عليكم الإنفاق من مال الله الذي هو في أيديكم وجعلكم مستخلفين فيه بتمكينكم وإقداركم على التصرّف فيه بحكم الشرع إذ الأموال كلها لله واختصاص نسبة التصرّف إنما هو بحكمه في شريعته ، (فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ) بشهود الأفعال (وَأَنْفِقُوا) عن مقام التوكل (لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) في جنة الأفعال.
[٨] (وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٨))
(وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ) وقد اعتضد السببان الداخلي والخارجي الموجب اجتماعهما للإيمان إيجابا ذاتيا. أما الخارجي فدعوة الرسول الذي هو السبب الفاعلي ، وأما الداخلي فأخذ الميثاق الأزلي وهو الاستعداد الفطري الذي هو السبب القابلي وقوة الاستدلال (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) بالقوة ، أي : إن بقي نور الفطرة والإيمان الأزلي فيكم.
[٩ ـ ١٢] (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللهَ