الوهميات على المعقولات وغلبة الأوهام على العقول (وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُ) بدواعي الوهم ومقتضى التخيل (حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللهِ) من الموت وحصول العقاب.
[١٧] (اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (١٧))
(اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) تمثيل لتأثير الذكر في القلوب وإحيائها.
[١٨ ـ ٢٠] (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١٨) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (١٩) اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٌ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ (٢٠))
(إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ) من المؤمنين بالغيب في مقام النفس لقوله : (وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ) من أهل الإيقان في مقام القلب لقوله : (لَهُمْ أَجْرُهُمْ) أي : من جنة النفس ونورهم من جنة القلب بتجلي الصفات (أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ) بقوة اليقين (وَالشُّهَداءُ) أهل الحضور والمراقبة والذين حجبوا عن الذات والصفات في مقابلتهم ، أي : ليسوا من أهل الإيمان بالغيب ولا من أهل الإيقان (أُولئِكَ أَصْحابُ) جحيم الطبيعة.
[٢١] (سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢١))
(سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) لما حقّر الحياة الحسية النفسية الفانية وصوّرها في صورة الخضراء السريعة الانقضاء دعاهم إلى الحياة العقلية القلبية الباقية فقال : (سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) أي : تستر صفات النفس بنور القلب (وَجَنَّةٍ عَرْضُها) العالم الجسماني بأسره لإحاطة القلب به وبصوره أو نفرهم عن الحياة البشرية ودعاهم إلى الحياة الإلهية أي : سابقوا إلى مغفرة تستر ذواتكم ووجوداتكم التي هي أصل الذنب العظيم بنور ذاته وجنّة عرضها سموات الأرواح وأرض الأجساد بأسرها ، أي : الوجود المطلق كله الشامل للوجودات الإضافية بأجمعها (أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ) الإيمان العلمي اليقيني على الأول والإيمان العيني والحقي على الثاني.
[٢٢ ـ ٢٣] (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (٢٢) لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ (٢٣))