بالحقائق الإلهية والأسرار الغيبية (يُرْسِلِ) سماء الروح (عَلَيْكُمْ مِدْراراً) بأمطار المواهب والأحوال (وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ) المكاسب والمقامات (وَبَنِينَ) التأييدات القدسية من عالم الملكوت (وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ) الصفات في مقام القلب وأنهار العلوم.
[١٣ ـ ١٤] (ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً (١٣) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً (١٤))
(ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً) أي : تعظيما يوقركم بالترقي في الدرجات إلى عالم الأنوار (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) كل طور أشرف مما قبله وكان حالكم فيه أحسن وشرفكم أزيد مما تقدمكم ، فما بالكم لا تقيسون الغيب على الشهادة والمعقول على المحسوس والمستقبل على الماضي فترتقون إلى سماء الروح بسلم الشريعة والعلم والعمل كما ارتقيتم بسلم الطبيعة والحكمة والقدرة في أطوار الخلقة.
[١٥ ـ ١٦] (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً (١٥) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً (١٦))
(أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) من مراتب الغيوب السبعة المذكورة ذات طبقا بعضها فوق بعض (وَجَعَلَ) قمر القلب (فِيهِنَّ نُوراً) زائدا نوره على نور النفس ونجوم القوى (وَجَعَلَ) شمس الروح (سِراجاً) باهرا نوره.
[١٧ ـ ٢٠] (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً (١٧) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً (١٨) وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً (١٩) لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً (٢٠))
(وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ) من أرض البدن (نَباتاً ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها) بميلكم إليها وتلبسكم بشهواتها ولذاتها وبهيئات نفوسكم الجسمانية وغواشيكم الهيولانية (وَيُخْرِجُكُمْ) بالبعث منه في مقام القلب عند الموت الإرادي (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ) تلك (الْأَرْضَ بِساطاً لِتَسْلُكُوا مِنْها) سبل الحواس (فِجاجاً) خروقا واسعة أو من جهتها سبل سماء الروح إلى التوحيد ، كماقال أمير المؤمنين عليهالسلام : «سلوني عن طرق السماء فإني أعلم بها من طرق الأرض» ، أراد الطرق الموصلة إلى الكمال من المقامات والأحوال كالزهد والعبادة والتوكل والرضا وأمثال ذلك ، ولهذا كان معراج النبي صلىاللهعليهوسلم بالبدن.
[٢١ ـ ٢٤] (قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَساراً (٢١) وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً (٢٢) وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (٢٣) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً (٢٤))
(وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً) من رؤساءهم المتبوعين أهل المال والجاه