[١٠ ـ ١٢] (إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً (١٠) فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً (١١) وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً (١٢))
(إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا) يوم تجلي السخط والغضب وظهوره في صفة العبوس والقهر (فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ) بتجليه في صورة الرضا واللطف (وَلَقَّاهُمْ) نضرة الرضوان وسرور النعيم الدائم (وَجَزاهُمْ) بصبرهم عن اللذات النفسانية والتزيينات الشيطانية في جنان الأفعال مع أنوار الصفات جنة الذات وحرير ملابس الصفات الإلهية النورانية اللطيفة.
[١٣] (مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً (١٣))
(مُتَّكِئِينَ) في تلك الجنة على أرائك الأسماء التي هي الذات مع الصفات بحسب مقاماتهم ومراتبهم ودرجاتهم منها (لا يَرَوْنَ فِيها) شمس حرارة الشوق إليها مع الحرمان ولا زمهرير برودة الوقوف مع الأكوان ، فإن الوقوف مع الكون برد قاسر وثقل عاصر.
[١٤] (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً (١٤))
(وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ) ظلال الصفات قريبة منهم ساترة إياهم لاتصافهم بها وكونهم في روحها (وَذُلِّلَتْ) لهم (قُطُوفُها) من ثمار علوم توحيد الذات وتوحيد الصفات والأحوال والمواهب (تَذْلِيلاً) تاما كلما شاؤوا جنوها وتلذذوا وتفكهوا بها.
[١٥ ـ ١٦] (وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا (١٥) قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً (١٦))
(وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ) هي مظاهر حسن الصفات من محاسن الصور وكونها من فضة نوريتها وبياضها وزينتها وبهاؤها (وَأَكْوابٍ) من صور أوصاف المجردات اللطيفة والجواهر المقدسة لكونها بلا عرى التعلق بالمواد فلا يمكن قبضها بالعرى من غير الاتصال بذواتها ولكونها من عالم الغيب لم تكن مكشوفة الرأس كالأواني (كانَتْ قَوارِيرَا) لصفائها وتلألؤ نور الذات من ورائها ، وكما قال في تشبيه القلب بالزجاجة : (الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ) (١) أي : في صفاء الزجاجة وضياء الكوكب فكذلك هاهنا قال : (قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ) أي : هي في صفاء الزجاجة وشفيفها وبياض الفضة وبريقها (قَدَّرُوها تَقْدِيراً) أي : على حسب استعداداتهم ومبالغ ريهم على قدر أشواقهم وإرادتهم كما قدّروا في أنفسهم وجدوها كما قيل : لا تغيض ولا تفيض.
__________________
(١) سورة النور ، الآية : ٣٥.