(طُمِسَتْ) ومحيت بالموت (وَإِذَا السَّماءُ) أي : الروح الحيوانية (فُرِجَتْ) وشققت وانفلقت من الروح الإنسانية (وَإِذَا الْجِبالُ) أي : الأعضاء (نُسِفَتْ) أي : فنيت وأذريت (وَإِذَا الرُّسُلُ) أي : ملائكة الثواب والعقاب (أُقِّتَتْ) عينت وبلغت ميقاتها الذي عين لها ، إما لإيصال البشرى والروح والراحة وإما لإيصال العذاب والكرب والذلة (لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ) أي : ليوم عظيم أخرت عن معاجلة الثواب والعقاب في وقت الأعمال أو رسل البشر وهم الأنبياء ، عينت وبلغت ميقاتها الذي عين لهم للفرق بين المطيع والعاصي والسعيد والشقيّ فأن الرسل يعرفون كلّا بسيماهم.
[١٣ ـ ١٤] (لِيَوْمِ الْفَصْلِ (١٣) وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ (١٤))
(لِيَوْمِ الْفَصْلِ) بين السعداء والأشقياء ، وإن فسرت القيامة الكبرى فإذا نجوم القوى النفسانية محيت بالعاصفات ، وإذا سماء العقل فرجت وشقت بتأثير نور الروح فيها ، وإذا جبال صفات النفس نسفت بالتجليات الوصفية في القيامة الوسطى ، بل جبال النفس والقلب والعقل والروح وكل ما عليها بالتجلي الذاتي ، وإذا الرسل الناشرات بالأحياء في حال البقاء بعد الفناء عينت لوقت الفرق بعد الجمع وهو حال البقاء أي وقت الرجوع من الجمع إلى التفصيل المسمى يوم الفصل أخرت من وقت الجمع الذي هو الفناء إلى ذلك الوقت.
[١٥ ـ ٢٩] (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٥) أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (١٧) كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (١٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٩) أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٢٠) فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ (٢١) إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢٢) فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ (٢٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٤) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً (٢٥) أَحْياءً وَأَمْواتاً (٢٦) وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً (٢٧) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٨) انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٩))
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) بإحدى القيامتين المحجوبين عن الجزاء ، وقوله : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) وما بعده يدل على أن المراد بما توعدون هو القيامة الصغرى.
[٣٠ ـ ٣١] (انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (٣٠) لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ (٣١))
(انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) أي : ظل شجرة الزقوم وهي النفس الخبيثة الملعونة الإنسانية إذا احتجبت بصفاتها وانقطعت عن نور الوحدة بظلمة ذاتها فبقيت راسخة في أرض البدن نابتة ناشئة في نار الطبيعة متشعبة إلى شعب النفوس الثلاث البهيمية والسبعية والشيطانية وهي القوة الملكوتية المغلوبة بالوهم العاملة بمقتضى هوى النفس (لا ظَلِيلٍ) كظل شجرة طوبى ، أي : حالها في إفادة الروح والراحة بخلاف حال تلك وهي النفس الطيبة المتنوّرة بنور الوحدة الوحدانية في أفعالها الصادرة عن العقل الغير المتشعبة إلى الشعب المختلفة المتضادّة (وَلا يُغْنِي) من لهب نار الهوى وتعب طلب ما لا يبقى.