[٩٢ ـ ٩٣] (إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (٩٢) وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ (٩٣))
(إِنَّ هذِهِ) الطريقة الموصلة إلى الحقيقة وهي طريقة التوحيد المخصوصة بالأنبياء المذكورين ، طريقتكم أيها المحققون السالكون ، طريقة (واحِدَةً) لا اعوجاج ولا زيغ ولا انحراف عن الحق إلى الغير ولا ميل (وَأَنَا) وحدي (رَبُّكُمْ) فخصصوني بالعبادة والتوجه ولا تلتفتوا إلى غيري (وَتَقَطَّعُوا) أي : تفرق المحجوبون الغائبون عن الحق ، الغافلون في أمر الدين وجعلوا أمر دينهم قطعا يتقسمونه (بَيْنَهُمْ) ويختارون السبل المتفرّقة بالأهواء المختلفة (كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ) على أي مقصد وأية طريقة وأية وجهة كانوا فنجازيهم بحسب أعمالهم وطرائقهم.
[٩٤ ـ ٩٥] (فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ (٩٤) وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ (٩٥))
(فَمَنْ) يتّصف بالكمالات العملية (وَهُوَ) عالم موقن فسعيه مشكور غير مكفور في القيامة الوسطى والوصول إلى مقام الفطرة الأولى (وَإِنَّا) لصورة ذلك السعي لكاتبون في صحيفة قلبه فيظهر عليه عند التجرد أنوار الصفات وممتنع (عَلى قَرْيَةٍ) حكمنا بإهلاكها وشقاوتها في الأزل رجوعهم إلى الفطرة من الاحتجاب بصفات النفس في النشأة.
[٩٦ ـ ٩٧] (حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (٩٦) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ (٩٧))
(حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ) القوى النفسانية (وَمَأْجُوجُ) القوى البدنية بانحراف المزاج وانحلال التركيب (وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ) من أعضاء البدن التي هي محالها ومقارها (يَنْسِلُونَ) بالذهاب والزوال (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُ) من وقوع القيامة الصغرى بالموت ، فحينئذ شخصت أبصار المحجوبين لشدّة الهول والفزع ، داعين بالويل والثبور ، معترفين بالظلم والقصور.
[٩٨ ـ ١٠٠] (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ (٩٨) لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ (٩٩) لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ (١٠٠))
(إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ) أي : كل عابد منكم لشيء سوى الله محجوب به عن الحق ، مرميّ مع معبوده الذي وقف معه في طبقة من طبقات جهنم ، البعد والحرمان على حسب مرتبة