منها عند الترقي (وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ) مكان مرتفع بترقي القلب إلى مقام الروح وترقي النفس إلى مقام القلب (ذاتِ) استقرار وثبات وتمكن يستقرّ فيها لخصبها (وَمَعِينٍ) وعلم يقين مكشوف ظاهر.
[٥٥ ـ ٦١] (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ (٥٦) إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (٥٨) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (٥٩) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ (٦٠) أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ (٦١))
(أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ* نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ) أي : ليس التمتيع باللذات الدنيوية والإمداد بالحظوظ الفانية هو مسارعتنا لهم في الخيرات كما حسبوا ، إنما المسارعة فيها هو التوفيق لهذه الخيرات الباقية وهي الإشفاق بالانفعال والقبول من شدّة الخشية عند تجلي العظمة والإيقان العيني بآيات تجلي الصفات الربانية والتوحيد الذاتي بالفناء في الحق ، والقيام بهداية الخلق وإعطاء كمالاتهم في مقام البقاء مع الخشية من ظهور البقية في الرجوع إلى عالم الربوبية من الذات الأحدية وهو السبق في الخيرات وإليها ولها.
[٦٢] (وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٦٢))
(وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) أي : لا نكلف كل أحد بمقامات السابقين فإنها مقامات لا يبلغها إلا الأفراد كما قيل : جلّ جناب الحق أن يكون شريعة لكل وارد ، أو يطلع عليه إلا واحد بعد واحد ، بل كل مكلف بما يقتضيه استعداده بهويته من كماله اللائق به. وهو غاية وسعه.
(وَلَدَيْنا كِتابٌ) هو اللوح المحفوظ أو أمّ الكتاب (يَنْطِقُ) بمراتب استعداد كل نفس وحدود كمالاتها وغاياتها ، وما هو حق كل منها (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) بمنعهم عنه وحرمانهم إذا جاهدوا فيه وسعوا في طلبه بالرياضة ، بل يعطي كل ما أمكنه الوصول إليه وما يشتاقه في السلوك إليه.
[٦٣ ـ ٧٠] (بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ (٦٣) حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ (٦٤) لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ (٦٥) قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ (٦٦) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ (٦٧) أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٦٩) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ (٧٠))