والمراد بالعقود هنا : ما يشمل العقود التي عقدها الله علينا وألزمنا بها من الفرائض والواجبات والمندوبات ، وما يشمل العقود التي تقع بين الناس بعضهم مع بعض في معاملاتهم المتنوعة وما يشمل العهود التي يقطعها الإنسان على نفسه ، والتي لا تتنافى مع شريعة الله ـ تعالى ـ.
وبعضهم يرى أن المراد بالعقود هنا : ما يتعاقد عليه الناس فيما بينهم كعقود البيع وعقود النكاح.
وبعضهم يرى أن المراد بها هنا : العهود التي كانت تؤخذ في الجاهلية على النصرة والمؤازرة للمظلوم حتى ينال حقه.
والأول أولى لأنه أليق بعموم اللفظ ، إذ هو جمع محلى بأل المفيدة للجنس وأوفى بعموم الفائدة.
قال القرطبي : والمعنى : أوفوا بعقد الله عليكم ، وبعقدكم بعضكم على بعض. وهذا كله راجع إلى القول بالعموم وهو الصحيح في الباب. قال صلىاللهعليهوسلم : «المؤمنون عند شروطهم». وقال : «كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط».
فبين أن الشرط أو العقد الذي يجب الوفاء به ما وافق كتاب الله : أى : دين الله. فإن ظهر فيها ما يخالف رد ، كما قال صلىاللهعليهوسلم : «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» (١).
والبهيمة : اسم لذوات الأربع من دواب البر والبحر.
قال الفخر الرازي : قالوا كل حي لا عقل له فهو بهيمة من قولهم : استبهم الأمر على فلان إذا أشكل عليه. وهذا باب مبهم أى : مسدود الطريق. ثم اختص هذا الاسم بكل ذات أربع في البر والبحر».
والأنعام جمع نعم ـ بفتحتين ـ وأكثر ما يطلق على الإبل ، لأنها أعظم نعمة عند العرب. والمراد بالأنعام هنا : ما يشمل الإبل والبقر والغنم ويلحق بها كل حيوان أو طير يتغذى من النبات ، ولم يرد نص بتحريمه فيدخل الظبى وحمار الوحش وغير هما من آكلات العشب ، كما تدخل الطيور غير الجارحة وإضافة البهيمة إلى الأنعام إضافة بيانية من إضافة الجنس إلى ما هو أخص منه كشجر الأراك ، وثوب الخز.
أى : أحل الله لكم أيها المؤمنون الانتفاع ببهيمة الأنعام. وهذا الانتفاع بلحمها وجلدها وعظمها وصوفها وما أشبه ذلك مما أحله الله منها.
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ٦ ص ٣٣.