قال الآلوسى ما ملخصه : وقال غير واحد : البهيمة اسم لكل ذات أربع من دواب البر والبحر. وإضافتها إلى الأنعام للبيان كثوب خز. أى : أحل لكم أكل البهيمة من الأنعام. وهي الأزواج الثمانية المذكورة في سورتها.
وأفردت البهيمة لإرادة الجنس : وجمع الأنعام ليشمل أنواعها. وألحق بها الظباء وبقر الوحش. وقيل : هما المراد بالبهيمة ونحو هما مما يماثل الأنعام في الاجترار وعدم الأنياب. وإضافتها إلى الأنعام حينئذ لملابسة المشابهة بينهما.
وقيل : المراد ببهيمة الأنعام : ما يخرج من بطونها من الأجنة بعد ذكاتها وهي ميتة ، فيكون مفاد الآية صريحا حل أكلها. وبه قال الشافعى (١).
وقوله : (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) استثناء مما أحله ـ سبحانه ـ لهم من بهيمة الأنعام. أى : أحل الله لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم بعد ذلك في كتابه أو على لسان رسوله فإنه محرم عليكم.
قال القرطبي : قوله ـ تعالى ـ : (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) أى يقرأ عليكم في القرآن والسنة من قوله ـ تعالى ـ في الآية الثالثة من السورة نفسها ـ (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ) .. إلخ ، وقوله صلىاللهعليهوسلم «كل ذي ناب من السباع فأكله حرام».
فإن قيل : الذي يتلى علينا الكتاب وليس السنة؟ قلنا : كل سنة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فهي كتاب الله. والدليل عليه أمران :
أحدهما : حديث العسيف «لأقضين بينكما بكتاب الله» والرجم ليس منصوصا عليه في كتاب الله.
الثاني : حديث عبد الله بن مسعود : «ومالي لا ألعن من لعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو في كتاب الله.
ويحتمل : إلا ما يتلى عليكم الآن. أو ما يتلى عليكم فيما بعد من مستقبل الزمان على لسان رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيكون فيه دليل على جواز تأخير البيان عن وقت لا يفتقر فيه إلى تعجيل الحاجة.
وقوله : (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) بيان لما حرم عليهم في أحوال معينة ، وبسبب أمور اقترنت به.
وقوله : (حُرُمٌ) جمع حرام. يقال. أحرم الرجل فهو محرم وحرام وهم حرم.
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٦ ص ٤٩.