مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ)(٥)
وقوله (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ). يصح أن يراد به اليوم الذي نزلت فيه. فإنه يجوز أن تكون هذه الآية وما قبلها من قوله ـ تعالى ـ (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) قد نزلت جميعا في يوم واحد وهو يوم عرفة من عام حجة الوداع.
ويصح أن يراد به الزمان الحاضر مع ما يتصل به من الماضي والمستقبل. والمراد بالطيبات : ما يستطاب ويشتهى مما أحله الشرع.
والمراد بطعام الذين أوتوا الكتاب : ذبائحهم خاصة. وهذا مذهب جمهور العلماء.
قالوا : لأن ما سوى الذبائح فهي محللة قبل أن كانت لأهل الكتاب ، وبعد أن صارت لهم. فلا يبقى لتخصيصها بأهل الكتاب فائدة. ولأن ما قبل هذه الآية في بيان حكم الصيد والذبائح. فحمل هذه الآية عليه أولى ، لأن سائر الطعام لا يختلف من تولاه من كتابي أو غيره. وإنما تختلف الذكاة. فلما خص أهل الكتاب بالذكر ، دل على أن المراد بطعامهم ذبائحهم.
وقيل المراد بطعام أهل الكتاب هنا : الخبز والحبوب والفاكهة وغير ذلك مما لا يحتاج فيه إلى تذكية. وينسب هذا القول إلى بعض طوائف الشيعة.
وقيل المراد به : ما يتناول ذبائحهم وغيرها من الأطعمة. وقد روى هذا القول عن ابن عباس ، وأبى الدرداء ، وقتادة ومجاهد وغيرهم.
والمراد بالذين أوتوا الكتاب : اليهود والنصارى.
قال الآلوسى : وحكم الصابئين كحكم أهل الكتاب عند أبى حنيفة. وقال صاحباه الصابئة صنفان : صنف يقرءون الزبور ويعبدون الملائكة وصنف لا يقرءون كتابا ويعبدون النجوم فهؤلاء ليسوا من أهل الكتاب وأما المجوس فقد سن بهم سنة أهل الكتاب في أخذ الجزية منهم دون أكل ذبائحهم ونكاح نسائهم.
واختلف العلماء في حل ذبيحة اليهودي والنصراني إذا ذكر عليها اسم غير الله ـ كعزير وعيسى ـ فقال ابن عمر : لا تحل. وذهب أكثر أهل العلم إلى أنها تحل. وهو قول الشعبي