منها ، وللمسلم أن يصلى بهذا الوضوء ما شاء من الفرائض والنوافل. قالوا : ومما يشهد بأن الوضوء وسيلة لعبادة ظاهر قوله ـ تعالى ـ (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) فإنه يدل على أن الصلاة هي المقصودة وهي الغاية أما الوضوء فقد شرع ليكون سبيلا إليها.
ثانيا : قوله (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) اتفق الفقهاء على وجوب غسل الوجه إلا أنهم اختلفوا في دخول المضمضة والاستنشاق فيه.
فجمهور الفقهاء اتفقوا على أنهما لا يدخلان في غسل الوجه ، بل هما سنتان كان يفعلهما النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه قبل غسل الوجه.
وقال بعض الفقهاء : المضمضة والاستنشاق داخلان في الغسل.
ثالثا : أخذ كثير من الفقهاء من قوله ـ تعالى ـ (إِلَى الْمَرافِقِ) .. و (إِلَى الْكَعْبَيْنِ) أن المرافق داخلة مع اليدين في وجوب الغسل ، وأن الكعبين داخلان مع الرجلين في وجوب الغسل.
قالوا : لأن (إِلَى) هنا بمعنى مع ، ولأن بعض علماء اللغة وعلى رأسهم سيبويه قد قرروا أن ما بعد إلى إذا كان من نوع ما قبلها دخل في الحد ، وإذا لم يكن من نوعه لم يدخل. وهنا ما بعد إلى من نوع ما قبلها فوجب دخوله في الحد.
ولأن جعل ما قبل المرفقين حدا ، لا يصلح أن يكون علامة واضحة على ذلك ، ومن شأن العلامات أن تكون واضحة وهذا لا يتأتى إلا بغسل المرفقين والكعبين.
وفضلا عن كل ذلك فالمعروف من وضوء النبي صلىاللهعليهوسلم أنه كان يغسل المرفقين والكعبين.
قال القرطبي : وهذا هو الصحيح لما رواه الدّارقطنيّ عن جابر أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه».
ويرى بعض الفقهاء أن غسل المرفقين والكعبين مستحب ، لأن الغاية من قوله : (إِلَى الْمَرافِقِ) و (إِلَى الْكَعْبَيْنِ) تحتمل أن تدخل المرافق والكعبين في الوجوب وتحتمل عدم الدخول ، ولا وجوب مع الاحتمال.
وقد أشار صاحب الكشاف إلى هذه المسألة بقوله : قوله (إِلَى الْمَرافِقِ) تفيد معنى الغاية مطلقا. فأما دخولها في الحكم وخروجها ، فأمر يدور مع الدليل. فمما فيه دليل على الخروج قوله : (فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) لأن الإعسار علة الإنظار. وبوجود الميسرة تزول العلة. ولو دخلت الميسرة فيه لكان منظرا في كلتا الحالتين معسرا وموسرا. وكذلك (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) لو دخل الليل لوجب الوصال في الصوم. ومما فيه دليل على الدخول قولك : حفظت القرآن من أوله إلى آخره ـ لأن الكلام مسوق لحفظ القرآن كله. ومنه قوله ـ تعالى ـ : (مِنَ الْمَسْجِدِ