الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) لوقوع العلم بأنه لا يسرى به إلى بيت المقدس من غير أن يدخله. وقوله (إِلَى الْمَرافِقِ) و (إِلَى الْكَعْبَيْنِ) لا دليل فيه على أحد الأمرين ، فأخذ كافة العلماء بالاحتياط فحكموا بدخولها في الغسل. وأخذ زفر وداود بالمتيقن فلم يدخلاها. وعن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه كان يدير الماء على مرفقيه» (١).
رابعا : أجمع الفقهاء على أن مسح الرأس من أركان الوضوء ، لقوله ـ تعالى ـ (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) إلا أنهم اختلفوا في مقدار المسح.
فقال المالكية : يجب مسح جميع الرأس أخذا بالاحتياط ، وتبعهم في ذلك الحنابلة.
وقال الشافعية : يكفى مسح أقل ما يطلق عليه اسم المسح أخذا باليقين وقال الحنفية : يفترض مسح ربع الرأس.
ومنشأ الخلاف هنا اعتبار الباء زائدة أو أصلية. فقال المالكية والحنابلة إن الباء كما تكون أصلية تكون ـ أيضا ـ زائدة لتقوية تعلق العامل بالمعمول واعتبارها هنا زائدة أولى ، لأن التركيب حينئذ يدل على مسح جميع الرأس ، ويكون البعض داخلا في ذلك.
وقال الأحناف والشافعية الباء هنا للتبعيض ، إلا أن البعض لم يقدره الشافعية بمقدار معين ، وقدره الأحناف بمقدار ربع الرأس أخذا من حديث المغيرة بن شعبة أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان في سفر فنزل لحاجته ثم جاء فتوضأ ومسح على ناصيته» قالوا : والناصية تساوى ربع الرأس.
قال بعض العلماء : والسنة الصحيحة وردت بالبيان. وفيها ما يفيد جواز الاقتصار على مسح البعض في بعض الحالات كما في صحيح مسلم وغيره من حديث المغيرة أنه صلىاللهعليهوسلم أدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه ولم ينقض العمامة. وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أنه مسح رأسه فأقبل وأدبر. وهذه هي التي استمر عليها صلىاللهعليهوسلم فاقتضى هذا أفضلية الهيئة التي كان يداوم عليها. وهي مسح الرأس مقبلا ومدبرا. وإجراء غيرها في بعض الأحوال (٢).
خامسا : قوله تعالى (وَأَرْجُلَكُمْ) وردت فيه قراءتان متواترتان.
إحداهما : بفتح اللام وهي قراءة نافع وابن عامر وحفص والكسائي ويعقوب.
والثانية : بكسر اللام وهي قراءة الباقين.
أما قراءة النصب فعلى أن قوله (وَأَرْجُلَكُمْ) معطوف على قوله (وُجُوهَكُمْ) أو هو منصوب بفعل مقدر أى : وامسحوا برءوسكم واغسلوا أرجلكم إلى الكعبين.
وأما قراءة الجر فعلى أن قوله (وَأَرْجُلَكُمْ) معطوف على (بِرُؤُسِكُمْ)
__________________
(١) تفسير الكشاف ج ١ ص ٦٠
(٢) تفسير القاسمى ج ٦ ص ١٨٨