تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً) (١).
ويرى جماعة من الصحابة منهم عمر بن الخطاب وابن مسعود أن المراد بالملامسة هنا اللمس باليد ، وكانا يوجبان على من مس امرأة الوضوء.
وقد سار الإمام الشافعى على هذا الرأى فقال : إذا مس جسدها فعليه الوضوء سواء أكان المس بشهوة أم بغير شهوة.
ومن أدلته أن اللمس حقيقة في المس باليد ، وهو في الجماع مجاز أو كناية ولا يعدل عن الحقيقة إلى غيرها إلا عند تعذر الحقيقة ويرى الإمام مالك أن اللمس إن كان بشهوة وتلذذ فعليه الوضوء ، وكذا إذا مسته بشهوة وتلذذ ، وإن كان بغير شهوة فلا وضوء عليهما.
وقد انتصر كل فريق لرأيه بصورة أوسع من ذلك في كتب الفروع. والذي نراه أولى بالصواب في هذه المسألة ما قاله الإمام مالك ـ رحمهالله ـ لأنه بنى رأيه على وجود الشهوة وعدمها. والفاء في قوله : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) عطفت ما بعدها على الشرط السابق وهو قوله. (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى).
والضمير في قوله : (فَلَمْ تَجِدُوا) يعود لكل من تقدم من مريض ومسافر ومتغوط وملامس وفيه تغليب للخطاب على الغيبة.
والمراد بعدم الوجدان في قوله هنا (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) ما هو أعم من الوجود الحسى أى : أن قوله : «فلم تجدوا ماء» كناية عن عدم التمكن من استعماله وإن وجد حسا ، إذ أن الشيء المتعذر استعماله هو والمعدوم سواء.
وقوله : (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) جواب الشرط وهو قوله : (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى).
والمعنى : وإن كنتم ـ أيها المؤمنون ـ في حالة مرض يحول بينكم وبين استعمال الماء أو كنتم مستقرين على سفر ؛ أو كنتم محدثين حدثا أصغر أو أكبر ، أو لامستم النساء ، فلم تجدوا ماء تستعملونه لطهارتكم ، ولأداء ما كلفكم الله به من تكاليف ، أو وجدتموه ولكن منعكم مانع من استعماله ، أو كنتم في حاجة ماسة إليه ، فعليكم في هذه الأحوال أن تتيمموا صعيدا طيبا بدلا من الماء ، فإن الله ـ تعالى ـ (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ).
ومنهم من يرى أن الضمير في قوله : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) يعود إلى الجميع ما عدا المرضى ، لأن المرضى يباح لهم التيمم مع وجود الماء إذا تضرروا من استعماله. وعلى هذا الرأى يكون المراد بعدم الوجدان ، عدم الوجدان الحسى.
__________________
(١) سورة البقرة الآية ٢٣٧