والتيمم لغة القصد. يقال تيممت الشيء إذا قصدته.
ويطلق في الشرع على القصد إلى التراب لمسح الوجه واليدين به.
وأما الصعيد ـ بوزن فعيل ـ فيطلق على وجه الأرض البارز ترابا كان أو غيره. وقيل يطلق على التراب فحسب.
والطيب : الطاهر الذي لم تلوثه نجاسة ولا قذر.
وقوله : (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) بيان لكيفية التيمم.
أى : إذا لم تجدوا ماء للتطهر به ، أو وجدتموه ولكنكم عجزتم عن استعماله ، فاقصدوا ترابا طاهرا فامسحوا منه بوجوهكم وأيديكم.
وقد استدل بعض الفقهاء بقوله : (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) على أن التيمم لا يجوز إلا بالتراب الطاهر ، لأنه هو المقصود بالصعيد الطيب.
ويرى بعض آخر أن التيمم يجوز بالتراب وبالحجر وبما ماثله من كل ما كان من جنس الأرض. متى كان طاهرا. قالوا : لأن الظاهر من لفظ الصعيد وجه الأرض. وهذه الصفة لا تختص بالتراب.
قال القرطبي ـ بعد أن ذكر آراء الفقهاء في ذلك ـ «وإذا تقرر هذا فاعلم أن مكان الإجماع فيما ذكرناه أن يتيمم الرجل على تراب طاهر غير منقول ولا مغصوب. ومكان الإجماع في المنع أن يتيمم الرجل على الذهب والصرف والفضة والياقوت والأطعمة كالخبز واللحم وغيرهما أو على النجاسات واختلف في غير هذا كالمعادن ، فأجيز وهو مذهب مالك وغيره ومنع وهو مذهب الشافعى وغيره» (١).
كما استدل الأحناف والشافعية بقوله ـ تعالى ـ (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) على أن التيمم المطلوب شرعا هو استعمال الصعيد في عضوين مخصوصين على قصد التطهير. والعضوان هما الوجه واليدان إلى المرفقين ، فقد جاء في الحديث الشريف عن جابر بن عبد الله أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «التيمم ضربتان ضربة للوجه. وضربة للذراعين إلى المرفقين».
ويرى الحنابلة والمالكية أن العضوين هما الوجه واليدين إلى الرسغين. هذا ، وقد تكلمنا عن هذه المسألة وغيرها بصورة أوسع عند تفسيرنا لقوله ـ تعالى ـ في سورة النساء : (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ٦ ص ٢٣٧