وضمينهم وعريفهم ، وأصله من النقب وهو الثقب الواسع.
قال الآلوسى. والنقيب : قيل فعيل بمعنى فاعل مشتق من النقب بمعنى التفتيش ومنه (فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ) وسمى بذلك لتفتيشه عن أحوال القوم وأمرهم.
قال الزجاج : وأصله من النقب وهو الثقب الواسع والطريق في الجبل :
ويقول : فلان حسن النقيبة. أى : جميل الخليقة ، ويقال : فلان نقاب ؛ للعالم بالأشياء ، الذكي القلب ، الكثير البحث عن الأمور (١).
والمعنى : ولقد أخذ الله العهود المؤكدة على بنى إسرائيل. لكي يعملوا بما كلفهم من تكاليف ، وأمر نبيه موسى ـ عليهالسلام ـ أن يختار متهم اثنى عشر نقيبا. وأن يرسل هؤلاء النقباء إلى الأرض المقدسة لكي يطلعوا على أحوال ساكنيها ، ثم يخبروا نبيهم موسى ـ عليهالسلام ـ بعد ذلك بما شاهدوه من أحوالهم.
وسنفصل القول في شأن بعث هؤلاء النقباء عند تفسيرنا لقوله ـ تعالى ـ بعد ذلك (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ ، إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً).
وأكد ـ سبحانه ـ ما أخذه على بنى إسرائيل من عهود بقد وباللام ، للاهتمام بشأن هذا الخبر ، ولترغيب المؤمنين في الوفاء بعهودهم مع الله ـ تعالى ـ حتى لا يصيبهم ما أصاب بنى إسرائيل من عقوبات بسبب نقضهم لمواثيقهم.
وأسند ـ سبحانه ـ الأخذ إليه ، لأنه هو الذي أمر به موسى ـ عليهالسلام ـ ولأن في إسناد أخذ الميثاق إليه ـ سبحانه ـ زيادة في توثيقه ، وتعظيم توكيده وأى عهد يكون أقوى وأوثق من عهد يكون بين العبد والرب؟
وفي قوله : (وَبَعَثْنا) التفات إلى المتكلم العظيم ـ سبحانه ـ لتهويل شأن هذا الابتعاث ، لأن الله ـ تعالى ـ هو الذي أمر به.
وإنما اختار موسى ـ عليهالسلام ـ اثنى عشر نقيبا من بنى إسرائيل لأنهم كانوا اثنى عشر سبطا ، كما قال ـ تعالى ـ (وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً) (٢) ولأن كل نقيب كان بمنزلة الرقيب على القبيلة التي هو منها يذكرها بالفضائل ويرغبها في اتباع موسى ـ عليهالسلام ـ وينهاها عن معصيته.
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٦ ص ٨٥
(٢) سورة الأعراف الآية ١٦٠.