وقال ـ سبحانه ـ في شأن إبراهيم : (وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ) (١).
والمقصود بهذه الأرض : أرض الشام ، التي منها فلسطين.
وأما البركات الدنيوية فمن مظاهرها : كثرة الأنهار والأشجار والثمار والزروع في تلك الأماكن.
قال بعض العلماء : وقد قيل في خصائص المسجد الأقصى : أنه متعبد الأنبياء السابقين ، ومسرى خاتم النبيين ، ومعراجه إلى السموات العلا .. وأولى القبلتين وثاني المسجدين ، وثالث الحرمين ، لا تشد الرحال بعد المسجدين إلا إليه (٢).
وقوله ـ سبحانه ـ : (لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا) إشارة إلى الحكمة التي من أجلها أسرى الله ـ تعالى ـ بنبيه صلىاللهعليهوسلم فقوله (لِنُرِيَهُ) متعلق بأسرى.
و «من» للتبعيض لأن ما رآه النبي صلىاللهعليهوسلم وإن كان عظيما إلا أنه مع عظمته بعض آيات الله بالنسبة لما اشتمل عليه هذا الكون من عجائب.
أى : أسرينا بعبدنا محمد ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ، ثم عرجنا به إلى السموات العلا ، لنطلعه على آياتنا ، وعلى عجائب قدرتنا ، والتي من بينها : مشاهدته لأنبيائنا الكرام ، ورؤيته لما نريد أن يراه من عجائب وغرائب هذا الكون.
ولقد وردت أحاديث متعددة في بيان ما أراه الله ـ تعالى ـ لنبيه صلىاللهعليهوسلم في تلك الليلة المباركة ، ومن ذلك ما رواه البخاري عن أنس بن مالك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : ... ووجدت في السماء الدنيا آدم فقال لي جبريل : هذا أبوك آدم فسلم عليه فسلمت عليه ورد على آدم السلام فقال : مرحبا وأهلا بابني ، فنعم الابن أنت ...
وفي رواية للإمام أحمد عن أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لما عرج بي ربي ـ عزوجل ـ مررت بقوم لهم أظفار من نحاس ، يخمشون وجوههم وصدورهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ، ويقعون في أعراضهم .. (٣)».
ثم ختم ـ سبحانه ـ الآية الكريمة بما يدل على سعة علمه ، ومزيد فضله فقال ـ تعالى ـ : (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
__________________
(١) سورة الأنبياء الآية ٧١.
(٢) تفسير القاسمى ج ١٠ ص ٣٨٨٥.
(٣) تفسير ابن كثير المجلد الخامس ص ٨ طبعة دار الشعب.