من مدن تركيا الآن ، قالوا إنها تبعد عن مدينة «أزمير» بحوالى أربعين ميلا ، وتعرف الآن باسم : «أيازبوك».
وقيل : إنه كان ببلدة تدعى «أبسس» ـ بفتح الهمزة وسكون الباء وضم السين ـ وهذه البلدة من ثغور «طرسوس» بين مدينة حلب بسوريا ، وبلاد أرمينية وأنطاكية.
وقيل : إنه كان ببلدة تسمى «بتراء» بين خليج العقبة وفلسطين .. إلى غير ذلك من الأقوال الكثيرة ، التي لا نرى داعيا لذكرها ، لقلة فائدتها.
وأما الزمن الذي ظهروا فيه ، فيرى كثير من المفسرين أنه كان في القرن الثالث الميلادى في عهد الإمبراطور الرومانى «دقيانوس» الذي كان يحمل الناس حملا على عبادة الأصنام ، ويعذب من يخالف ذلك.
(ب) العبر والعظات والأحكام التي تؤخذ من هذه القصة ـ ومن أهمها :
١ ـ إثبات صدق الرسول صلىاللهعليهوسلم فيما يبلغه عن ربه ، حيث أخبر ـ عن طريق ما أوحاه الله إليه من قرآن ـ عن قصة هؤلاء الفتية ، وبين وجه الحق في شأنهم ورد على ما خاضه الخائضون في أمرهم ، وصدق الله إذ يقول : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ ...).
٢ ـ الكشف عن جانب من بلاغة القرآن الكريم في قصصه ، حيث ساق هذه القصة مجملة في الآيات الأربع الأولى منها ، ثم ساقها مفصلة بعد ذلك تفصيلا حكيما. وفي ذلك ما فيه من تمكن أحداثها وهداياتها في القلوب.
والمرشد العاقل هو الذي ينتفع بهذا الأسلوب القرآنى في وعظه وإرشاده.
٣ ـ بيان أن الإيمان متى استقر في القلوب ، هان كل شيء في سبيله. فهؤلاء الفتية آثروا الفرار بدينهم ، على البقاء في أوطانهم ، لكي تسلم لهم عقيدتهم .. فهم كما قال ـ سبحانه ـ في شأنهم : (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً).
٤ ـ بيان أن على المؤمن أن يلجأ إلى الله بالدعاء ـ لا سيما عند الشدائد والكروب ، وأنه متى اتقى الله ـ تعالى ـ وأطاعه ، جعل له ـ سبحانه ـ من كل ضيق فرجا ، ومن كل هم مخرجا ، ورزقه من حيث لا يحتسب ، وصانه من السوء.
فهؤلاء الفتية عند ما لجئوا إلى الكهف ، تضرعوا إلى الله بقولهم : (رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً).
فأجاب الله دعاءهم ، حيث ضرب على آذانهم في الكهف سنين عددا ، وجعل الشمس