والنحاس ، ونحو ذلك كما يطلق ـ أيضا ـ على الماء الغليظ كدردي الزيت أى : ما تعكر منه. وقيل. هو نوع من القطران أو السم.
والمرتفق : المتكأ ، من الارتفاق وهو الاتكاء على مرفق اليد.
أى : إن هؤلاء الكافرين ، إن يطلبوا الغوث عما هم فيه من كرب وعطش ، يغاثوا بماء كالمهل في شدة حرارته ونتنه وسواده ، هذا الماء (يَشْوِي الْوُجُوهَ) أى : يحرقها.
(بِئْسَ الشَّرابُ) ذلك الماء الذي يغاثون به «وساءت» النار منزلا ينزلون به ، ومتكأ يتكئون عليه.
فالآية الكريمة تصور ما ينزل بهؤلاء الظالمين من عذاب ، تصويرا ترتجف من هوله الأبدان ، ويدخل الرعب والفزع على النفوس.
قال بعضهم : فإن قيل ، أى إغاثة لهم في ماء كالمهل مع أنه من أشد العذاب ، وكيف قال ـ سبحانه ـ ، (يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ)؟
فالجواب : إن هذا من أساليب اللغة العربية التي نزل بها القرآن ونظيره من كلام العرب قول عمرو بن معد يكرب.
وخيل قد دلفت لها بخيل |
|
تحية بينهم ضرب وجيع |
أى : لا تحية لهم إلا الضرب الوجيع ، وإذا كان هؤلاء الظالمون لا يغاثون إلا بماء كالمهل ، علم من ذلك أنهم لا إغاثة لهم مطلقا» (١).
والمخصوص بالذم في قوله : (بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً) محذوف ، بئس الشراب ذلك الماء الذي يغاثون به ، وساءت النار مكانا للارتفاق والاتكاء.
ثم بين ـ سبحانه ـ بعد ذلك حسن عاقبة المؤمنين فقال : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً).
ثم بين ـ سبحانه ـ ما أعده لهؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات من ألوان النعيم فقال : (أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ).
ولفظ «عدن» بمعنى إقامة لا رحيل بعدها ولا تحول. وأصله من عدن فلان بالمكان. إذ أقام به واستقر فيه.
__________________
(١) تفسير أضواء البيان ج ٤ ص ٩٦.