وإذا سألتموهن ـ نساء النبي ـ متاعا أى متاع في الدين والدنيا فاسألوهن من وراء حجاب.
ذلكم ، أى : ما ذكر من الاستئذان قبل الدخول ، وعدم الاستئناس للحديث ، وسؤال المتاع من وراء الحجاب (ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَ) من الخواطر التي تعرض لكل رجل وامرأة إذا اختلى بها ، وذلك أنفى للريبة ، وأبعد للتهمة وأمنع في الحصانة.
أليس هذا دليلا على أنه لا ينبغي لأحد أن يثق بنفسه في الخلوة مع من لا تحل له فإن مجانبة ذلك أحسن وأحسن لحاله وأحصن لنفسه وأتم لعصمته.
وإذا كان هذا حال الرعيل الأول من المسلمين فما بالنا اليوم؟ اللهم نسألك اللطف والهداية والرحمة.
وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ، ولا ينبغي منكم ذلك.
وما كان لكم أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا ، فإنهن أمهات المؤمنين ، ولا يليق بكم أن تفعلوا ذلك أبدا. وهذه الآية رد على من قال : إذا مات رسول الله أتزوج عائشة من بعده ، إن ذلكم المذكور من ألم رسول الله بدخول الناس بدون إذن أو مكثهم لغير حاجة أو طلبهم نكاح أزواجه من بعده ، إن ذلكم كان عند الله عظيما ، فلا ذنب أعظم منه ، وهذا يفيد أن هذه من الكبائر ، واعلموا أن الله يعلم الغيب والشهادة وهو العليم بذات الصدور ، فإن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله بكل شيء عليم ، وسيجازى عليه.
ولما نزلت آية الحجاب تساءل بعض أقارب أمهات المؤمنين : أنحن نكلمهم من وراء حجاب؟ فرد الله عليهم بقوله : لا جناح عليهن ولا إثم في أن يكلمن آباءهن أو أبناءهن ، أو إخوانهن أو أبناء إخوانهن ، أو ما ملكت أيمانهن من العبيد ، وكذا بقية المحارم التي ذكرت في سورة النور كالعم والخال مثلا.
واتقين الله ـ أيها النساء ـ فأنتن سبب الاختلاط ، وعليكن الوزر الأكبر فيه ، إذ المرأة هي التي تستطيع رد الرجل ، ويستحيل عليه أن يتمكن منها إلا برضاها ، ولذا خصهن بالأمر بالتقوى ، إن الله كان على كل شيء شهيدا ورقيبا ، فاحذروه ، واتقوه ، واعلموا أنّه يراكم ويحصى عليكم أعمالكم.