وخرجت معه لكي يخرجوا وقد تباطأ القوم في الخروج ، قال أنس : وأخبرت النبي أن القوم خرجوا ، فانطلق حتى دخل البيت فذهبت أدخل معه فألقى الستر بيني وبينه ، ونزل الحجاب ، فأنزل الله ـ عزوجل ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِ) إلى قوله : (إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً) روى هذا الحديث بالمعنى ، وأصله موجود في البخاري ومسلم.
وعن ابن عباس : أنها نزلت في أناس من المؤمنين كانوا يتحينون طعام النبي صلىاللهعليهوسلم فيدخلون قبل أن يدرك الطعام فيقعدون إلى أن يدرك ثمّ يأكلون ولا يخرجون. وقال بعضهم : هذا أدب أدب الله به الثقلاء.
المعنى :
يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي في حال من الأحوال إلا في حال قد أذن لكم فيه إلى طعام غير منتظرين نضجه ، أى : لا تدخلوا بيوت النبي إلا في وقت الإذن لكم إلى طعام ، ولا تدخلوه إلا غير منتظرين إناه ، ولكن إذا دعيتم إلى الطعام وأذن لكم في الدخول فادخلوا فإذا طعمتم فاذهبوا متفرقين ، ولا تمكثوا مستأنسين بالحديث كما فعل بعضهم في وليمة زينب جحش.
إن ذلكم كان يؤذى النبي ، وأى إيذاء أكبر من بقاء عامة الناس في بيت الزوجية؟ الذي هو حق لها ، وسكن الزوج مع زوجته ، وكان النبي يستحى ويمتنع من إظهار ألمه لكم ، ولكن الله لا يستحيى من إظهار الحق. بل يبين للناس ما به يتأدبون بأدب القرآن فاعلموا أن هذا الانتظار خطأ وحرام عليكم فلا تعودوا لمثله أبدا.
روى أن عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ قال : يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب؟ فنزلت الآية.
وانظر إلى القرآن وهو يعالج أمر الحجاب مبتدئا بأمهات المؤمنين اللائي هن أطهر النساء وأعفهن ، حتى نتبصر في أمرنا حينما يقال لنا : إنا نختلط ولا يحصل شيء أبدا ، ولست أدرى : ما سبب الحوادث التي نقرؤها كل يوم في الجرائد عن الخيانات والقتل والطلاق؟! أليس مرجعها كلها إلى ضعف الوازع الديني وإلى الاختلاط في البيوت والشارع بل وفي المقاهى والمسارح والمصايف؟!