وهذه الآية تدعونا إلى البحث في واجب المسلمين نحو دعوتهم ونشر دينهم ، وماذا يكون موقفهم أمام معارضيهم وأعدائهم ، في هذا الموضوع كتبت أنا وزميل لي بحثا تاما كاملا في مشروعية القتال سيطبع قريبا إن شاء الله.
والخلاصة أن علينا نشر الدعوة لأنها دعوة عامة شاملة صالحة لكل زمان ومكان (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ..) [سورة الأنعام آية ١٩] (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) [سورة الأعراف آية ١٥٨].
والذي ندعوه إن قبل الإسلام فقد كفى الله المؤمنين القتال ، وإن حاربنا ووقف في طريقنا وكمّم أفواه دعاتنا لا سيما إن كان من مشركي العرب الذين بالغوا في عداوة الإسلام حاربناه ، ودعوتنا إلى الإسلام أولا تكون بالحكمة والموعظة الحسنة.
لهذا لا نعجب إن رأينا آيات في القرآن تحثنا على الدعوة إلى الإسلام بالحسنى وآيات تأمرنا بالقتال وتحث عليه (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ..) [التوبة ٥].
المعنى :
ادع إلى سبيل ربك ، وانشر دينه بالحكمة والموعظة الحسنة ، فإن رأيت ممن تخاطبه إعراضا وشكا فيما دعوته إليه أو جحدا وإنكارا فجادلهم بالتي هي أحسن واعلم بأن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله فيجازيه على عمله ، ولا شيء عليك أيها الداعي ، فإن تحرجت المسألة وانتهت إلى جدال بالعنف والشدة والقتال على أنهم هم البادئون لا أنتم أيها المسلمون ، فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم على الأذى في أول الأمر لهو خير للصابرين.
ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالطريقة التي هي أحسن من أختها عملا بقوله تعالى (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [فصلت ٣٤].
وأهل الكتاب منهم المعتدلون في آرائهم ومعتقداتهم البعيدون عن الشرك وإثبات الولد والتثليث ، وهؤلاء يؤمنون بالله وبكتابهم ونبيهم وباليوم الآخر فليس بيننا وبينهم إلا الإيمان بمحمد مع عيسى أو موسى ، وأظن أن هؤلاء بعد توفيق الله لهم وشرح صدورهم للإسلام لا يحتاجون إلا إلى نقاش بسيط وجدال بالتي هي أحسن.