(١١٠) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١١١) وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٢) وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ (١١٣)
المفردات :
(السَّعْيَ) : الحد الذي يسعى فيه مع أبيه في تحصيل المعاش (وَتَلَّهُ) : صرعه على شقه فوقع جبينه على الأرض ، وأصل التل : الرمي على التل الذي هو التراب المجتمع ، ثم استعمل في كل صرع (لِلْجَبِينِ) والجبين : أحد جانبي الجبهة ، بين جبينين ، واللام لبيان ما صرع عليه ، كقوله تعالى : (يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ) وكقول الشاعر : وخر صريعا لليدين وللفم ـ (بِذِبْحٍ) : بحيوان يذبح.
المعنى :
دعا إبراهيم ربه قائلا : رب هب لي غلاما من الصالحين ، فقبل الله دعاءه واستجاب له ، وبشره بغلام كريم الخلق حليم ـ على لسان الملائكة فوهبناه له ، ونشأ كما ينشأ الغلمان فلما (١) بلغ درجة أن يسعى مع أبيه في أشغاله ، وتحصيل معاشه قال له أبوه : إنى أرى في المنام أنى أذبحك ، ورؤيا الصالحين من عباد الله قبس من نور الله ، ورؤيا الأنبياء وحى من السماء لا ينكر ، وقد رأى إبراهيم الخليل في منامه أنه يذبح ابنه. وأول رؤياه على هذا ، وكان ذلك الولد عزيزا على أبيه لأنه فلذة كبده وإنسان عينه ، وقد جاء من الله بعد الدعاء وبشارة الملائكة به فكان له مزيد فضل ، وعلو كعب ، ومع ذلك فقد صدع إبراهيم لأمر ربه ، وعرض الأمر على ابنه الوحيد ليرى ماذا يرى؟ فقال ابنه : يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ، وهنا تبرز أمام الإنسان معاني الإيمان الصادق والاستسلام الحق والصبر والرضاء بالقضاء والقدر؟
__________________
١ ـ الفاء هنا فاء الفصيحة التي تفصح عن كلام مقدر يفهم من السياق العام (وقد ذكرناه فتنبه).